لماذا لا يفضل المستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي الشبيهة بالبشر؟

في وقت تتسارع فيه التطورات التكنولوجية، بات الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، من المساعدين الافتراضيين الذين يتحدثون بنغمات طبيعية إلى الشخصيات الرقمية التي تحاكي تعابير الوجه البشرية، تسعى الشركات الكبرى لتطوير أدوات ذكاء اصطناعي أكثر تفاعلية وشبيهة بالبشر. 

وقد أطلقت OpenAI مؤخرًا الوضع الصوتي المتقدم في ChatGPT، والذي يعتمد على أصوات حقيقية للتفاعل مع المستخدمين بطريقة مألوفة، هذا الهدف، كما تعتقد بعض الشركات، هو جعل الذكاء الاصطناعي يبدو أكثر قربًا من البشر لزيادة التفاعل والثقة لدى المستخدمين.

في ذات السياق، يوفر تطبيق Character.ai للمستخدمين فرصة التفاعل مع شخصيات مشهورة، مثل إيلون ماسك أو نابليون بونابرت، لتقديم تجربة تفاعلية تحاكي التواصل البشري المباشر. 

ولكن رغم أن هذه الأدوات قد تجعل التفاعل مع الذكاء الاصطناعي أكثر واقعية، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه خطوة صحيحة لزيادة الثقة بالمستخدمين؟

الانتقادات تجاه الشبه البشري للذكاء الاصطناعي

رغم أن معظم الشركات تؤمن بأن جعل الذكاء الاصطناعي أكثر شبهة بالبشر سيعزز من قبول المستخدمين وثقتهم به، أظهرت بعض الدراسات أن هذا النهج قد لا يكون الأمثل، فعلى الرغم من بعض الأدلة التي تشير إلى تأثيرات إيجابية لتشبيه الذكاء الاصطناعي بالبشر، فإن بعض الباحثين وجدوا أن الروابط البشرية الزائفة قد تؤدي إلى نتائج عكسية.

على سبيل المثال، أظهرت دراسة حديثة أن وجود روبوت شبيه بالبشر قد يؤدي إلى توقعات غير واقعية حول قدرات الذكاء الاصطناعي، مما يسبب خيبة أمل لدى المستخدمين عندما لا يتم تلبية توقعاتهم. 

وفي حالات معينة، مثل برامج الدردشة، أدى ظهور روبوتات شبيهة بالبشر إلى انخفاض رضا العملاء عندما فشلوا في تقديم إجابات مرضية، ما تسبب في شعور بالإحباط.

الدور البشري بدلاً من التشابه البشري

دراسة أخرى أظهرت أن اللاعبين الذين تعاملوا مع مساعدين شبيهين بالبشر في ألعاب الفيديو شعروا بتقليل استقلاليتهم، ما أثر سلبًا على تجربتهم، وفي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن المساعدين الشبيهين بالبشر قد يعزز من التفاعل مع الذكاء الاصطناعي، فإن تلك الدراسات تشير إلى أن التفاعل البشري الطبيعي ربما يكون هو السبيل الأفضل لزيادة القبول والثقة.

بدلاً من السعي لجعل الذكاء الاصطناعي يبدو أكثر بشرية، يبدو أن التركيز على الخبرة البشرية التي تدخل في تطوير هذه الأدوات قد يكون الطريق الأنسب، هذا الاتجاه يعزز من الفهم لدى المستخدمين لكيفية عمل تلك الأدوات والآلية التي تعتمد عليها، فإبراز دور العلماء أو الخبراء في تصميم الذكاء الاصطناعي يمنح الأداة موثوقية أكبر.

دراسات تدعم هذا الاتجاه

أجريت مجموعة من الدراسات لتقييم تأثير تسليط الضوء على الدور البشري في تطوير الذكاء الاصطناعي على تقبل المستخدمين له. إحدى الدراسات، على سبيل المثال، اختبرت مدى تأثير عرض دور الخبراء البشريين في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي. 

في هذه الدراسة، طُلب من المشاركين تقييم ملاحظات من مدرب ذكاء اصطناعي، تم تطويره من قبل فريق من علماء البيانات وخبراء التصوير الفوتوغرافي. وبالطبع، تم تقييم الملاحظات بشكل إيجابي أكثر من قبل المشاركين الذين علموا أن المدرب تم تطويره بواسطة فريق من الخبراء.

كما أظهرت دراسات أخرى أن إظهار الدور البشري يعزز من فهم المستخدمين لكيفية عمل الأدوات. فكلما فهم المستخدمون كيف تم تصميم الأداة، زادت الثقة بها، وهو ما يؤدي إلى قبول أكبر للأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي.

التطبيقات العملية لهذا النهج

هذه النتائج يمكن تطبيقها في العديد من المجالات العملية. في التعليم، على سبيل المثال، يمكن أن تُظهر الأنظمة الذكية التي تستخدمها المؤسسات التعليمية كيف أن الخبراء التربويين هم من صمموا الأدوات التي تستخدم في التعليم، بدلًا من محاولة جعل تلك الأدوات تظهر كأنها مدرسين بشريين.

وفي الرعاية الصحية، يمكن أن تساهم هذه الاستراتيجية في رفع ثقة المرضى في التطبيقات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، مثل تطبيق SkinVision، الذي يوضح أنه يعتمد على خبرة الأطباء في الكشف عن الأمراض، كما يمكن في الخدمات المالية والقانونية أن تبرز الشركات دور الخبراء الماليين والمحاميين في تصميم أدوات الذكاء الاصطناعي، مما يعزز مصداقيتها.

بينما قد يكون من المغري تصميم أدوات الذكاء الاصطناعي لتبدو شبيهة بالبشر، تشير الدراسات إلى أن التفاعل البشري الواضح في عملية التطوير قد يكون أكثر فاعلية في بناء الثقة، بدلاً من التشابه البشري أو إزالة العنصر البشري تمامًا، من الأفضل أن يظهر الجهد البشري في تصميم هذه الأدوات، مما يضمن علاقة قائمة على الثقة والشفافية.