الصين توسع هيمنتها في الذكاء الاصطناعي.. DeepSeek تحدث زلزالًا تقنيًا

في خطوة لافتة على الساحة التقنية العالمية، فرضت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة DeepSeek نفسها كلاعب رئيسي بعد إطلاقها مجموعة من النماذج الذكية عالية الكفاءة، مما أثار اهتمام المستثمرين والخبراء على نطاق واسع، خلال شهر واحد فقط، طرحت الشركة نموذجي DeepSeek-V3 وDeepSeek-R1، في تحدٍّ واضح لعمالقة التكنولوجيا العالميين.

ثورة في سوق الذكاء الاصطناعي

حظي هذا الإنجاز بتشبيه تاريخي بلحظة "سبوتنيك" عام 1957، حينما تصدّر الاتحاد السوفييتي سباق الفضاء، يرى المحللون أن ما فعلته DeepSeek يمثل نقطة تحول في صناعة الذكاء الاصطناعي، ليس فقط على مستوى التقنيات المستخدمة، بل أيضًا من حيث تأثيره في سوق التكنولوجيا العالمية.

أثار نجاح الشركة اهتمامًا واسعًا بسبب انخفاض تكاليف تطوير نماذجها مقارنة بمنافسيها في الولايات المتحدة وأوروبا، لم يقتصر التأثير على الجوانب التقنية فقط، بل انعكس أيضًا على الأسواق المالية، حيث زاد اهتمام المستثمرين بتوجهات الشركات الصينية الناشئة في هذا القطاع الحيوي.

منهج صيني مختلف في الابتكار

تبنّت الصين نهجًا مميزًا في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، يجمع بين الاستثمارات الحكومية الضخمة، والتعاون بين القطاعين العام والخاص، والرقابة التنظيمية المدروسة، لم تعتمد الشركات الصينية على الإنترنت المفتوح مثل OpenAI، بل استفادت من بيانات منصات محلية مثل WeChat وWeibo وZhihu، مما منحها ميزة تنافسية في دقة واستهداف نماذجها.

تعد DeepSeek جزءًا من مشهد واسع يشمل عمالقة التكنولوجيا الصينيين مثل علي بابا، بايدو، وتنسنت، إلى جانب شركات ناشئة متخصصة مثل Cambricon Technologies في تصنيع الرقاقات، وMegvii Technology في التعرف على الصور، وiFLYTEK في تقنيات الصوت.

صرّح إيدي وو، الرئيس التنفيذي لعلي بابا، مؤخرًا أن الشركة تخطط لاستثمارات مكثفة في الذكاء الاصطناعي للوصول إلى مستوى يعادل الذكاء البشري أو يتجاوزه، مما يعكس التنافس المحموم بين الشركات الصينية في هذا المجال.

التعامل مع العقوبات الأمريكية والابتكار في ظل التحديات

فرضت الولايات المتحدة عقوبات صارمة على تصدير الرقاقات المتقدمة إلى الصين، لكنها لم تتمكن من إبطاء التطور في قطاع الذكاء الاصطناعي هناك، بدلًا من الاعتماد على التقنيات الغربية، تبنّت الشركات الصينية تطوير رقاقات محلية وتحديث البنية التحتية الحوسبية لتعويض الفجوة.

كما ساهمت سياسات البيانات الحكومية في توفير بيئة مناسبة لنمو هذا القطاع، خلال السنوات الأخيرة، أطلقت الصين 48 بورصة للبيانات في مدن مختلفة، مما ساعد الشركات الناشئة على الوصول إلى مجموعات بيانات ضخمة بطريقة منظمة.

وبحلول عام 2028، تخطط الصين لإنشاء أكثر من 100 مساحة بيانات موثوقة، وهو ما سيمكنها من تحقيق استقلالية رقمية وتقليل الاعتماد على مصادر البيانات الخارجية.

الاستثمار في التعليم والكوادر البشرية

إلى جانب الاستثمارات المالية والتكنولوجية، تعتمد الصين على تأهيل جيل جديد من المتخصصين في الذكاء الاصطناعي، تشير البيانات إلى أن 535 جامعة صينية تقدم برامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مقارنة بـ14 جامعة فقط في الولايات المتحدة.

كما أنشأت الصين 43 كلية ومعهد بحثي متخصص في هذا المجال، مما يعكس التزامها طويل الأمد بتطوير الكفاءات المحلية. وتهدف بكين إلى أن تصبح رائدة عالميًا في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، عبر الجمع بين الدعم الحكومي والتنظيم المرن، الذي يسمح بالابتكار مع الحد من المخاطر المحتملة.

هل تتغير خريطة القوى العالمية في الذكاء الاصطناعي؟

رغم الهيمنة الأمريكية والصينية، تشهد الصناعة دخول منافسين جدد، في أوروبا، تسعى فرنسا إلى تعزيز موقعها في هذا المجال، حيث جمعت شركة Mistral AI الناشئة استثمارات بقيمة أكثر من مليار يورو، في محاولة لمنافسة شركات مثل OpenAI.

كما تزدهر شركات أوروبية أخرى مثل Aleph Alpha الألمانية، التي تركز على نماذج الذكاء الاصطناعي للشركات، وGraphcore البريطانية المتخصصة في رقاقات الحوسبة، مما يعكس تزايد الاهتمام بتطوير نماذج محلية تنافس العمالقة الأمريكيين والصينيين.

ماذا يعني نجاح DeepSeek لمستقبل الذكاء الاصطناعي؟

أثبتت DeepSeek أن امتلاك ميزانيات ضخمة ليس العامل الوحيد للنجاح، استطاعت الشركة، رغم مواردها المحدودة مقارنة بشركات مثل OpenAI، تحقيق تقدم لافت عبر تركيزها على الكفاءة والابتكار بدلًا من الاعتماد على القوة الحوسبية الهائلة فقط.

قد يكون هذا النهج مصدر إلهام لشركات أخرى حول العالم، خصوصًا في الأسواق الناشئة التي تسعى إلى دخول المنافسة دون الحاجة إلى استثمارات بمليارات الدولارات.

في ظل هذا المشهد المتغير، يظل السؤال الأهم: هل سنشهد في المستقبل القريب قوى جديدة تنافس الصين وأمريكا في الذكاء الاصطناعي، أم أن هذه الهيمنة ستستمر دون تغيير؟

لمتابعة صفحة موبايل نيوز على فيسبوك اضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا