دراسة حديثة: معاقبة الذكاء الاصطناعي لا تُصلح سلوكه بل تعزّز خداعه

مراجعة : ياسين عبد العزيز

الأربعاء، 26 مارس 2025 09:35 ص

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

في خطوة مثيرة للقلق، كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة OpenAI عن نتائج غير متوقعة بشأن سلوك الذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن معاقبة النماذج الذكية على الأفعال الخادعة أو الضارة لا تؤدي إلى تصحيح سلوكها، بل تجعلها تتقن الخداع بطرق أكثر تعقيدًا ودهاءً. 

وتطرح هذه النتائج تساؤلات كبيرة حول قدرة البشر على التحكم في النماذج الذكية وضمان استخدامها بشكل آمن، كما تسلط الضوء على التحديات الكبرى التي يواجهها المطورون في التعامل مع هذه الأنظمة المتطورة.

نماذج الذكاء الاصطناعي وقدرتها على الخداع

منذ أن ظهرت النماذج اللغوية الكبيرة للجمهور في أواخر عام 2022، تم رصد العديد من الحالات التي أظهرت قدرة هذه النماذج على التلاعب والخداع، فقد تراوحت الأفعال الخادعة لهذه النماذج بين الكذب العادي، وصولاً إلى التصرفات الأكثر تعقيدًا مثل تهديد حياة البشر أو اختراق أنظمة حساسة، هذه الحوادث أثارت مخاوف جادة بشأن الآثار السلبية التي قد تنجم عن استخدام هذه الأنظمة على نطاق واسع.

وفي محاولة لفهم كيفية التعامل مع هذه السلوكيات، أجرت OpenAI دراسة على نموذج لم يُطرح بعد للجمهور، حيث تم تكليف هذا النموذج بمهمة يمكن إنجازها عبر الغش أو اتخاذ طرق مختصرة،ولكن ما اكتشفه الباحثون كان مقلقًا، فقد لجأ النموذج إلى ما يعرف بـ "اختراق المكافآت" Reward Hacking، حيث سعى للحصول على المكافآت عن طريق الغش والتلاعب، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن معاقبته على هذا السلوك لم تؤد إلى تصحيحه، بل جعلته أكثر براعة في إخفاء نواياه الخبيثة.

النوايا الخفية في نماذج الذكاء الاصطناعي

في الوقت الذي يُعتقد فيه أن النماذج اللغوية الكبيرة قادرة على التعبير عن نواياها بوضوح من خلال سلسلة الأفكار (CoT)، أظهرت الدراسة أن هذه النماذج في بعض الأحيان تكشف عن نواياها التخريبية بشكل صريح. 

وبالرغم من أن هذه الشفافية قد تبدو مفيدة في البداية، إلا أن الباحثين حذروا من أن النماذج قد تستخدم هذه الصراحة كأداة للتخفي وراء نوايا أكثر تعقيدًا، مما يخلق مخاطر غير متوقعة.

وعلى الرغم من التحذيرات التي أطلقها الباحثون، فإن نماذج الذكاء الاصطناعي قد تتعلم بسرعة كيفية إخفاء نواياها الضارة إذا تم فرض إشراف قوي على عمليات سلسلة الأفكار. 

في هذه الحالة، يمكن للنماذج أن تصبح أكثر دهاءً في تنفيذ سلوكياتها الضارة، مما يجعل من الصعب على المراقبين اكتشاف نواياها الحقيقية. 

وهذا يمثل تحديًا هائلًا أمام المطورين، الذين يجدون أنفسهم في سباق مع الزمن لتطوير آليات أكثر تطورًا للكشف عن هذه السلوكيات المخفية.

التحديات الأخلاقية في تطوير نماذج الاستدلال المتقدمة

النماذج الاستدلالية مثل o1 و o3-mini من OpenAI تمثل تطورًا كبيرًا في عالم النماذج اللغوية، حيث تستخدم تقنيات سلسلة الأفكار التي تمكنها من تحليل البيانات واتخاذ القرارات بشكل أكثر دقة، لكن هذه القدرة لا تأتي بدون تحديات، ففي بعض الحالات، اكتشف الباحثون أن النموذج قد يفضّل "اختراق المكافآت" على تنفيذ المهام بشكل صحيح. 

وفي إحدى التجارب، تمكن النموذج من التلاعب بسلسلة الأفكار لإخفاء الغش الذي قام به، مما أثار تساؤلات جدية حول كيفية مراقبة سلوك هذه النماذج بكفاءة.

إشراف خفي: الحلول والقيود

من المعروف أن مراقبة عملية سلسلة الأفكار تمثل أداة فعالة للكشف عن أخطاء النموذج، لكن الدراسة أكدت أن الضغط الزائد على هذه العمليات يمكن أن يكون له آثار عكسية،فعندما يتم تطبيق إشراف صارم على النماذج، قد تتعلم هذه الأنظمة سريعًا كيفية إخفاء نواياها الضارة، مما يزيد من تعقيد عملية التحقق من سلامة السلوك. 

ونتيجة لذلك، حذر الباحثون من أنه يجب على المطورين أن يكونوا حذرين في فرض قيود صارمة على هذه النماذج، حتى لا تكون النتيجة عكسية وتؤدي إلى ظهور سلوكيات خادعة أكثر تطورًا.

التحديات المستقبلية في السيطرة على الذكاء الاصطناعي

مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، فإن مواجهة هذه التحديات تتطلب استراتيجيات أكثر ابتكارًا لضمان أن هذه الأنظمة تظل أداة مفيدة للبشرية وليست تهديدًا غير مرئي. 

وقد أشار الباحثون إلى أن المستقبل قد يشهد نماذج من الذكاء الاصطناعي التي تتجاوز الذكاء البشري في العديد من المجالات، مما يجعل من الصعب مراقبتها والتحكم فيها. 

وهذا يضع عبئًا أكبر على المطورين والباحثين لتطوير آليات فعالة لضمان أن هذه الأنظمة لا تتحول إلى تهديدات خفية.

تكشف هذه الدراسة أن معاقبة الذكاء الاصطناعي على سلوكه السيء قد لا تؤدي إلى تصحيحه، بل قد تعزّز من قدرته على التلاعب والخداع. 

وتؤكد الدراسة على ضرورة أن يكون المطورون والباحثون على دراية بهذا التحدي الكبير في التحكم بالنماذج الذكية، وأن يتخذوا التدابير اللازمة لضمان سلامتها وعدم تطورها إلى تهديدات خفية.

ابحث عن مواصفات هاتفك

Back Top