القصة الكاملة.. كيف صنّفت هواتف هواوي تطبيق جوجل كبرمجية خبيثة؟

أثار مستخدمو هواتف هواوي الصينية ضجة كبيرة بعد أن واجهوا مشكلة غير مألوفة؛ إذ قامت هواتفهم بتصنيف تطبيق جوجل على أنه فيروس، مما دفع الكثيرين إلى التساؤل عن السبب الحقيقي وراء هذه الخطوة.

وبحسب تقارير تقنية، فوجئ المستخدمون الذين قاموا بتثبيت تطبيق جوجل من خارج متجر جوجل بلاي برسالة تحذيرية تؤكد أن التطبيق "خبيث" ويجب إزالته فورًا. 

ولم تتوقف التحذيرات عند هذا الحد، بل أشارت إلى أن التطبيق قد يكون قادرًا على إرسال رسائل نصية سرية، بل وحتى تشجيع المستخدمين على تثبيت محتوى إباحي أو شرائه، وهي اتهامات خطيرة وغير معتادة تجاه تطبيق شركة بحجم جوجل.

هل المشكلة مقتصرة على هواتف هواوي؟

لم تكن هواوي وحدها التي واجهت هذا الموقف، بل امتدت المشكلة أيضًا إلى بعض الأجهزة الصينية الأخرى، بما في ذلك هواتف فيفو وأونور، وفقًا لتقرير صادر عن موقع BleepingComputer المتخصص في الأمن السيبراني.

أثار هذا الأمر تساؤلات حول مدى ارتباط هذا التصنيف الخاطئ بالعقوبات الأميركية المفروضة على هواوي، والتي تمنع الشركة الصينية منذ عام 2019 من استخدام نظام أندرويد وخدمات جوجل رسميًا، مما يجعل تثبيت تطبيقات جوجل على هواتفها عملية معقدة تتطلب تجاوز المتجر الرسمي واللجوء إلى مصادر خارجية.

رد جوجل

بعد تصاعد الجدل، خرج متحدث رسمي باسم جوجل عن صمته، مؤكدًا أن التحذيرات لم تصدر عن جوجل نفسها أو عن نظامها الأمني المدمج Google Play Protect، بل جاءت من هواتف غير مرخص لها بتشغيل تطبيقات جوجل.

وأضاف المتحدث أن جوجل تنصح المستخدمين بالتواصل مع الشركات المصنعة لهواتفهم، مما يسلط الضوء على أن المشكلة قد تكون ناتجة عن آليات الحماية داخل نظام التشغيل المعدّل الذي تعتمده هواوي في أجهزتها، والتي لم تعد تعتمد على أندرويد بشكل مباشر.

أفاست تكشف لغز "الفيروس الوهمي"

في ظل صمت هواوي، جاءت المفاجأة من شركة أفاست المتخصصة في برمجيات الحماية الإلكترونية، والتي اعترفت بأن تصنيف تطبيق جوجل كبرمجية خبيثة كان بسبب خطأ برمجي داخل أنظمتها الأمنية المدمجة في بعض هواتف هواوي.

وكشفت الشركة أن التحذير ظهر نتيجة خلل في تطبيق Optimizer الخاص بهواوي، والذي يستخدم محرك كشف الفيروسات التابع لأفاست، وأوضحت أن الخلل حدث تحديدًا في تصنيف مربع البحث الخاص بجوجل داخل التطبيق، مما أدى إلى ظهور التحذير المضلل للمستخدمين.

وأكدت أفاست أنها قامت بإصدار تحديث برمجي في 30 أكتوبر الماضي لحل المشكلة، مما يعني أن المستخدمين الذين لا يزالون يواجهون المشكلة قد يحتاجون إلى تحديث هواتفهم للحصول على الإصلاح الجديد.

تداعيات الحظر الأميركي على هواوي

هذه الأزمة ليست سوى إحدى تبعات الحظر التجاري الأميركي على هواوي، والذي فرضته واشنطن في مايو 2019، ونتيجة لهذا الحظر، لم يعد بإمكان هواوي استخدام النسخة الرسمية من أندرويد أو تحميل تطبيقات جوجل بشكل مباشر، مما اضطر الشركة إلى تطوير نظام تشغيل خاص بها يعرف باسم HarmonyOS.

ومع ذلك، يحاول بعض المستخدمين الالتفاف على هذا الحظر عبر تنزيل تطبيقات جوجل من مصادر خارجية، وهو ما يعرضهم لمخاطر أمنية عديدة، خاصة مع عدم توفر تحديثات رسمية من جوجل لهذه التطبيقات على أجهزة هواوي.

كيف تأثرت هواتف هواوي بسبب غياب خدمات جوجل؟

رغم محاولات هواوي المستمرة لتعويض غياب خدمات جوجل، إلا أن هذا النقص أثر على انتشار هواتفها عالميًا، خاصة في الأسواق الغربية، حيث يعتمد المستخدمون بشدة على تطبيقات جوجل مثل خرائط جوجل، ويوتيوب، وجيميل.

ومع أن هواوي طورت متجر AppGallery كبديل لمتجر جوجل بلاي، إلا أنه لا يزال يفتقر إلى العديد من التطبيقات المهمة، مما يجعل بعض المستخدمين يبحثون عن طرق غير رسمية لتثبيت تطبيقات جوجل، وهو ما قد يؤدي إلى مشكلات أمنية مثل التي حدثت مع خطأ أفاست الأخير.

هل ستعود خدمات جوجل إلى هواوي؟

في ظل استمرار التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين، لا يبدو أن هناك أي مؤشرات على عودة التعاون بين جوجل وهواوي قريبًا، ومع ذلك، تحاول هواوي تعويض هذا النقص من خلال تطوير بيئة برمجية متكاملة داخل نظام HarmonyOS، بالإضافة إلى تحسين خدماتها السحابية وتقديم بدائل محلية للمستخدمين.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن هواوي من تعويض غياب خدمات جوجل بالكامل؟ أم أن المستخدمين سيظلون بحاجة إلى حلول بديلة وغير رسمية قد تعرض أجهزتهم لمشكلات أمنية مستقبلية؟

ما حدث مع تطبيق جوجل على هواتف هواوي يعكس التعقيدات التي تواجهها الشركة الصينية في ظل القيود الأميركية الصارمة، كما يسلط الضوء على المخاطر التي قد يتعرض لها المستخدمون عند تثبيت التطبيقات من خارج المصادر الرسمية. 

وبينما تواصل هواوي تطوير بدائلها الخاصة، تبقى خدمات جوجل عنصرًا حاسمًا في تجربة استخدام الهواتف الذكية، مما يجعل مستقبل هواوي في الأسواق العالمية رهينًا بقدرتها على تقديم بدائل منافسة ومتكاملة.