آبل تفتح أبواب آيباد لمتاجر التطبيقات البديلة في أوروبا

في تحوّل كبير في سياسات آبل، أعلنت الشركة عن خطوة تاريخية للسماح لمستخدمي أجهزة آيباد في الاتحاد الأوروبي بتحميل التطبيقات من متاجر تطبيقات بديلة. 

يأتي هذا التغيير بالتزامن مع إطلاق نظام iPadOS 18، المقرر في 16 سبتمبر 2024، مما يمثل نقطة تحول هامة في كيفية تفاعل المستخدمين مع أجهزتهم.

قانون الأسواق الرقمية: المحفّز الرئيسي للتغيير

استجابةً لـقانون الأسواق الرقمية الأوروبي (DMA)، الذي صدر في أبريل الماضي، اضطرت آبل إلى إجراء تغييرات جوهرية على نظامها البيئي. وفقًا لهذا القانون، تم تصنيف نظام تشغيل آيباد كـ"خدمة منصة أساسية"، مما يضع الشركة أمام التزام قانوني بالسماح للمستخدمين بتحميل التطبيقات من خارج متجر آبل التقليدي.

كان قانون DMA قد أجبر آبل في وقت سابق من هذا العام على السماح بمتاجر تطبيقات بديلة على هواتف آيفون، وهو ما أثار توقعات مشابهة لانتقال هذا التغيير إلى آيباد. وبالفعل، تحقق ذلك، ليصبح بإمكان المستخدمين في أوروبا الاستفادة من هذه المرونة الجديدة في اختيار التطبيقات وتحميلها.

متاجر التطبيقات البديلة على أجهزة آيباد

مع تطبيق هذه السياسة الجديدة، ظهرت بالفعل عدة متاجر تطبيقات بديلة لمستخدمي أجهزة آيفون في أوروبا، مثل Setapp Mobile وAltStore PAL وEpic Games Store، التي تقدم لمستخدمي أجهزة آيفون وآيباد تطبيقات متنوعة قد لا تتوفر عبر متجر آبل الرسمي.

على سبيل المثال، عشاق لعبة فورت نايت، التي كانت محجوبة لفترة طويلة عن متجر آبل، سيتمكنون الآن من تنزيلها مباشرة عبر متجر Epic Games والاستمتاع بتجربة اللعب على الشاشة الكبيرة لجهاز آيباد.

متطلبات قانون الأسواق الرقمية

فرض قانون DMA على آبل مجموعة من المتطلبات التي يجب أن تتماشى معها في أجهزة آيباد وهواتف آيفون. من أبرز هذه المتطلبات:

السماح بتحميل التطبيقات من خارج متجر آبل: يمنح هذا الخيار المستخدمين حرية أكبر في اختيار التطبيقات التي يرغبون في تحميلها، سواء كانت موجودة على متجر آبل أو لا.

إمكانية إلغاء تثبيت التطبيقات المثبتة مسبقًا: سيتاح للمستخدمين إلغاء تثبيت التطبيقات التي تأتي مع الجهاز بشكل مسبق، مما يمنحهم مرونة أكبر في تخصيص تجربة استخدام الجهاز.

حرية اختيار التطبيقات الافتراضية: سيتمكن المستخدمون من اختيار التطبيقات الافتراضية التي يفضلون استخدامها، مثل متصفحات الويب أو برامج البريد الإلكتروني، دون الالتزام بالتطبيقات التي تفرضها آبل.

فتح المجال لمحركات متصفح بديلة

أحد التغييرات اللافتة للنظر هو السماح للتطبيقات باستخدام محركات متصفح بديلة غير محرك WebKit الذي تفرضه آبل حاليًا على جميع التطبيقات التي تتضمن متصفحات. هذا يعني أن الشركات المطورة للمتصفحات مثل جوجل قد تتمكن في المستقبل من استخدام محركاتها الخاصة في متصفحاتها على أجهزة آيباد.

على الرغم من هذه التغييرات الكبيرة، إلا أن شركات مثل جوجل لم تعلن حتى الآن عن خطط محددة لاستغلال هذه الإمكانية، لكن من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة تطورات ملحوظة في هذا الجانب.

مواجهة بين آبل والاتحاد الأوروبي

كانت آبل قد جادلت في البداية بأن نظام iPadOS لا يحقق العدد الكافي من المستخدمين الذي يفرض تطبيق قانون DMA عليه. إلا أن مارجريت فيستاجر، رئيسة مكافحة الاحتكار في الاتحاد الأوروبي، أصرت على أن نظام آيباد يمثل "بوابة مهمة تعتمد عليها العديد من الشركات للوصول إلى عملائها"، مما أجبر آبل على الامتثال لمتطلبات القانون.

ورغم المعارضة الأولية من آبل، إلا أن الشركة وجدت نفسها مضطرة للامتثال لهذه التغييرات لتجنب الغرامات الكبيرة أو التعرض لمزيد من الإجراءات القانونية من قبل المفوضية الأوروبية.

تأثيرات مستقبلية على المستخدمين والشركات

تفتح هذه التغييرات الباب أمام الشركات والمطورين لتقديم تطبيقاتهم مباشرة للمستخدمين، دون الحاجة إلى المرور عبر سياسات وقواعد متجر آبل الصارمة. كما قد يسهم ذلك في تخفيض العمولات العالية التي تفرضها آبل على التطبيقات والمشتريات داخل التطبيقات عبر متجرها الرسمي، مما قد يوفر للمستخدمين خدمات أكثر تنوعًا بأسعار أقل.

من جهة أخرى، قد تكون هذه التغييرات بمثابة فرصة ذهبية للمستخدمين للاستفادة من تطبيقات وخدمات قد تكون غير متاحة في متجر آبل، إضافة إلى منحهم حرية أكبر في تخصيص أجهزتهم. ومع ذلك، يظل السؤال حول مدى تأثير هذه الخطوة على أمان التطبيقات وحماية الخصوصية، وهي النقاط التي لطالما كانت آبل تتذرع بها للحفاظ على سيطرتها الصارمة على متجر التطبيقات.

تعتبر خطوة آبل نحو السماح بمتاجر التطبيقات البديلة على أجهزة آيباد في أوروبا نقلة نوعية في سياسات الشركة المتشددة. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تأتي استجابة لضغوط قانونية من الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تمثل بداية جديدة للمستخدمين والشركات على حد سواء للاستفادة من خيارات أوسع وتطبيقات متنوعة خارج حدود متجر آبل التقليدي. ومن المتوقع أن يشهد المستقبل القريب مزيدًا من التحولات في هذا الاتجاه، مما قد يعزز من تجربة المستخدمين ويعيد رسم خريطة المنافسة بين الشركات المطورة للتطبيقات.