مايكروسوفت تستثمر في الطاقة النووية لتشغيل مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي

مراجعة : ياسين عبد العزيز

السبت، 21 سبتمبر 2024 10:13 ص

مايكروسوفت

مايكروسوفت

في خطوة جريئة نحو تلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة مايكروسوفت عن توقيع صفقة لشراء جميع إنتاج مفاعل "ثري مايل آيلاند" النووي في ولاية بنسلفانيا، الولايات المتحدة. 

الهدف الرئيسي لهذه الخطوة هو توفير الكمية الكبيرة من الطاقة المطلوبة لتشغيل مراكز البيانات الضخمة الخاصة بالشركة.

خلفية عن مفاعل ثري مايل آيلاند

يقع مفاعل "ثري مايل آيلاند" على جزيرة تحمل نفس الاسم في ولاية بنسلفانيا، ويتألف من وحدتين. ومع ذلك، فقد تعرضت الوحدة الثانية لحادثة نووية كارثية في عام 1979، حيث تعرضت هذه الوحدة لانصهار نووي أدى إلى تسرب مواد إشعاعية خطيرة في البيئة المحيطة. ورغم عدم وقوع أي وفيات جراء الحادثة، إلا أنها أثارت موجة كبيرة من الخوف بشأن السلامة النووية وأدت إلى إغلاق الوحدة الثانية منذ ذلك الوقت.

على الرغم من استمرار عمل الوحدة الأولى بعد الحادثة، إلا أنه تم إغلاقها في عام 2019 بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل. لكن مع بداية عام 2023، بدأت الشركة المالكة الجديدة، "Constellation Energy"، في دراسة إعادة تشغيل الوحدة الأولى، وهو ما أثار اهتمام شركة مايكروسوفت التي كانت تبحث عن مصادر طاقة نظيفة ومستدامة لتشغيل شبكتها الضخمة من مراكز البيانات.

صفقة تاريخية بين مايكروسوفت و"Constellation Energy"

توصلت مايكروسوفت إلى اتفاق مع شركة "Constellation Energy" يتيح لها شراء جميع إنتاج مفاعل "ثري مايل آيلاند" من الطاقة لمدة 20 عامًا. هذا الاتفاق يتيح لمايكروسوفت الحصول على 835 ميجاوات من الكهرباء، وهي كمية هائلة تكفي لتلبية احتياجات 800 ألف منزل أمريكي.

تقدر تكلفة إعادة تشغيل المفاعل بحوالي 1.6 مليار دولار، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2028، بعد الحصول على التراخيص القانونية اللازمة. هذه الخطوة تأتي في إطار خطة مايكروسوفت الطموحة لتشغيل جميع مراكز بياناتها العالمية باستخدام الطاقة النظيفة بحلول عام 2025.

وفي تصريح له، قال "بوبي هوليس"، نائب رئيس مايكروسوفت للطاقة: "شراء الطاقة النووية سيساعد في تحقيق خططنا لتشغيل جميع مراكز البيانات العالمية بالطاقة النظيفة بحلول عام 2025". وعلى الرغم من أن الطاقة النووية لا تعتبر حاليًا طاقة نظيفة بالكامل، إلا أن مايكروسوفت وشركات أخرى لا تزال ترى في الطاقة النووية حلًا مستقبليًا للطلب المتزايد على الطاقة.

لماذا الطاقة النووية؟

مع تزايد الاهتمام بالذكاء الاصطناعي وتطوراته الكبيرة في السنوات الأخيرة، أصبح تشغيل مراكز البيانات الضخمة يتطلب كميات هائلة من الطاقة. مراكز البيانات تعتبر البنية التحتية التي تدعم هذه التقنيات المتطورة، وتتطلب استهلاكًا طاقيًا ضخمًا للحفاظ على تشغيلها بشكل مستمر.

الطاقة النووية توفر حلاً متميزًا لتلبية هذه الاحتياجات الهائلة، فهي قادرة على إنتاج كميات كبيرة من الطاقة بشكل مستدام وعلى مدار الساعة. في الوقت الذي تسعى فيه الشركات الكبرى إلى التخلص التدريجي من مصادر الطاقة الأحفورية، أصبحت الطاقة النووية واحدة من الخيارات الأكثر جدية لتلبية احتياجات الطاقة النظيفة والمستدامة.

اهتمام شركات أخرى بالطاقة النووية

مايكروسوفت ليست الشركة الوحيدة التي تدرس خيار الطاقة النووية كحل لمشاكل الطاقة. فقد أبدى "سام ألتمان"، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، اهتمامًا كبيرًا بالطاقة النووية، بل واستثمر مبلغًا قدره 375 مليون دولار في شركة "Helion Energy" الأمريكية، المتخصصة في تصنيع مفاعلات نووية تعتمد على تقنية الاندماج النووي.

ألتمان يؤمن بأن الطاقة النووية يمكن أن تكون الحل النهائي لأزمة الطاقة التي تواجهها صناعة الذكاء الاصطناعي، ويعتبر أن تقنيات مثل الاندماج النووي قد تمثل مستقبل الطاقة المستدامة.

التحديات والمخاوف

على الرغم من الفوائد الكبيرة التي يمكن أن تقدمها الطاقة النووية، إلا أن هناك مخاوف قائمة بشأن السلامة. فحادثة "ثري مايل آيلاند" عام 1979 لا تزال تشكل ذكرى حية عن المخاطر المحتملة. فهل يمكن أن تتكرر حادثة مشابهة في الوحدة الأولى بعد إعادة تشغيلها؟

مايكروسوفت و"Constellation Energy" تؤكدان أن التكنولوجيا الحالية أكثر تطورًا وأمانًا مما كانت عليه في السبعينيات، وأنه سيتم اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة لضمان عدم حدوث أي تسربات أو حوادث مشابهة.

هل ستكون الطاقة النووية هي الحل المستقبلي؟

مع زيادة التحديات التي تواجه الطاقة التقليدية واعتماد البشرية بشكل متزايد على التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، قد تكون الطاقة النووية هي الحل المثالي لتلبية احتياجات الطاقة المتزايدة. وعلى الرغم من المخاوف المتعلقة بالسلامة، إلا أن العديد من الشركات الكبيرة تسعى إلى استغلال هذه الفرصة لتحقيق الاستدامة البيئية وضمان توفير الطاقة الكافية لمشاريعها الطموحة.

يبقى السؤال الأهم: هل ستكون الطاقة النووية الخيار الأنجح في المستقبل؟ وهل سنشهد المزيد من الاستثمارات في هذا القطاع لضمان توفير احتياجات الطاقة المتزايدة؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد الإجابة على هذه التساؤلات.

ابحث عن مواصفات هاتفك

Back Top