نموذج الذكاء الاصطناعي Claude 3.5 Sonnet من شركة Anthropic يتيح تحكّما كاملا في جهاز الكمبيوتر

في خطوة جديدة ومثيرة لعالم الذكاء الاصطناعي، أصدرت شركة Anthropic المدعومة من أمازون نسخة محدثة من نموذج الذكاء الاصطناعي الخاص بها، Claude 3.5 Sonnet، الذي يمكّن المستخدمين من منح الذكاء الاصطناعي تحكمًا شبه كامل في أجهزة الكمبيوتر. 

هذا التطور يتيح للنموذج إمكانية تنفيذ عمليات متنوعة، مثل التحكم في لوحة المفاتيح والنقر على الفأرة، مما يفتح الأبواب لاستخدامه في أي تطبيقات مثبتة على الجهاز.

دور الذكاء الاصطناعي في إنجاز المهام اليومية

وضّح جاريد كابلان، كبير مسؤولي العلوم في شركة Anthropic، أن الهدف من هذا النموذج المتطور هو السماح له باستخدام الأدوات ذاتها التي يستخدمها المستخدم في تنفيذ مختلف المهام. 

في هذا السياق، يعتبر هذا التطوير خطوة نوعية نحو تحويل الذكاء الاصطناعي إلى "وكيل رقمي"، قادر على القيام بالأنشطة اليومية بدءًا من التصفح، والتخطيط للرحلات، وحتى البرمجة وإنشاء المواقع الإلكترونية.

في عرض توضيحي قدمته الشركة، تمكّن النموذج من التخطيط لرحلة لرؤية جسر Golden Gate في شروق الشمس عبر فتح متصفح الويب والبحث عن أفضل الأماكن للمشاهدة، بالإضافة إلى إضافة التفاصيل في تقويم المستخدم. 

في تجربة أخرى، طلب من النموذج إنشاء موقع ويب بسيط، حيث استخدم برنامج Visual Studio Code ونجح في بناء الموقع وتشغيله على سيرفر محلي، ومعالجة بعض الأخطاء البرمجية التي ظهرت.

يمثل مصطلح "وكلاء الذكاء الاصطناعي" تحولًا جديدًا في الصناعة، حيث يصف نماذج الذكاء الاصطناعي القادرة على تنفيذ المهام على أجهزة الكمبيوتر بشكل شبه مستقل. 

هذا يشمل مهام متنوعة، مثل تصفح الإنترنت، أو البرمجة، أو إدارة التطبيقات المختلفة، ورغم أن هناك نماذج أخرى تستهدف مجالات محددة مثل البرمجة، فإن Anthropic تُسوق وكيلها Claude 3.5 Sonnet كنموذج شامل يمكنه القيام بمهام متعددة، سواء كانت تقنية معقدة أو مهام حياتية بسيطة.

مثلًا، يمكن للذكاء الاصطناعي استخدام منصات الويب وتخطيط جداول السفر، مما يجعله أداة مرنة قابلة للتطبيق في مجموعة واسعة من الاستخدامات.

التحديات والقيود التقنية في Claude 3.5 Sonnet

ورغم هذه الإمكانيات الكبيرة، تواجه تقنية الوكلاء الرقميين تحديات في الدقة والموثوقية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالبرمجة، فعلى الرغم من قدرة النموذج على إنشاء أكواد وتصحيحها، يواجه Claude 3.5 صعوبة في إكمال بعض المهام المعقدة، مثل إدارة حجوزات السفر عبر الإنترنت. تشير اختبارات الأداء إلى أن النموذج نجح فقط في إتمام أقل من نصف المهام المتعلقة بحجوزات الطيران وتعديلها.

هذا يعني أن التكنولوجيا، رغم إمكانياتها الواعدة، تحتاج إلى تحسينات إضافية لجعلها موثوقة على نطاق واسع، حيث يتطلب منح الذكاء الاصطناعي السيطرة الكاملة على جهاز الكمبيوتر مستوىً عالٍ من الدقة لضمان عدم حدوث أخطاء قد تؤثر على المستخدم أو بياناته.

مع تطور هذه التكنولوجيا، تتزايد المخاوف الأمنية والأخلاقية حول السماح للذكاء الاصطناعي بالتحكم الكامل في أجهزة الكمبيوتر، فعلى الرغم من تقدم Claude 3.5 Sonnet، لا تزال هذه التقنية غير مكتملة وتفتقر إلى الكفاءة في العديد من العمليات اليومية، مما يثير التساؤلات حول درجة الأمان عند إعطاء نموذج ذكاء اصطناعي القدرة على الوصول إلى ملفات المستخدمين والتحكم في المتصفح بشكل مستقل.

يشير النقاد إلى أن السماح للنموذج بالتنقل بحرية في ملفات الكمبيوتر قد يفتح الباب أمام مخاطر محتملة، خاصةً مع كون هذه التكنولوجيا لا تزال في مراحلها التجريبية وتواجه تحديات في فهم سياقات معينة أو التفاعل بشكل دقيق مع كافة التطبيقات.

تسعى شركة Anthropic، التي تنافس شركات رائدة مثل OpenAI، إلى تحقيق رؤية متكاملة لمستقبل الذكاء الاصطناعي الوكيل، وتدرك الشركة التحديات الحالية في الأداء والموثوقية، لكن رؤيتها تهدف إلى مواصلة تطوير التقنية لجعل الذكاء الاصطناعي أكثر قابلية للتطبيق والاعتماد عليه في المهام المتعددة على أجهزة الكمبيوتر.

ورغم الصعوبات التقنية والتحديات الأمنية، يراهن المتابعون على أن هذه الخطوة من شأنها أن تغيّر من طبيعة تفاعلنا مع الذكاء الاصطناعي، سواء في مجالات العمل الإنتاجي، أو الحياة اليومية، أو الترفيه. 

كما أن تطوير نماذج مستقبلية قادرة على معالجة هذه المشكلات قد يجعل تقنية "وكلاء الذكاء الاصطناعي" جزءًا لا يتجزأ من الأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية.