ما التأثيرات السلبية المرتبطة بتطور الذكاء الاصطناعي؟

شهد العالم في السنوات الأخيرة قفزات هائلة في مجال التكنولوجيا، حيث أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أبرز المحركات التي تدفع الابتكار في مختلف المجالات، من الطب والتعليم إلى الصناعة والترفيه. 

ورغم أن هذه التقنية تقدم العديد من الفوائد، إلا أن تطورها السريع يثير العديد من التساؤلات حول التأثيرات السلبية التي قد تصاحبها. 

في هذا المقال، نستعرض بعض التأثيرات السلبية المرتبطة بتطور الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن تؤثر على المجتمع بشكل عام.

1. الطلب المتزايد على الطاقة وانبعاثات الكربون

من أبرز التحديات التي يواجهها تطور الذكاء الاصطناعي هو الزيادة في استهلاك الطاقة. مع تزايد عدد نماذج الذكاء الاصطناعي واستخدامها على نطاق واسع من قبل شركات التكنولوجيا الكبرى مثل جوجل ومايكروسوفت، يزداد الطلب على الطاقة لتشغيل هذه الأنظمة. 

وتشير الدراسات إلى أن مراكز البيانات التي تدير هذه النماذج قد تستهلك ما يصل إلى 9% من إجمالي الكهرباء في الولايات المتحدة بحلول عام 2030، وفقًا لمعهد أبحاث الطاقة الكهربائية. 

هذا الارتفاع في استهلاك الطاقة لا يؤدي فقط إلى زيادة الانبعاثات الناتجة عن هذه الأنظمة، بل يساهم أيضًا في تفاقم مشكلة التغير المناخي التي يعاني منها كوكبنا.

2. انتشار المعلومات المضللة والتزييف العميق

أصبح الذكاء الاصطناعي أحد الأدوات الرئيسية التي تُستخدم لإنشاء محتوى مزيف يعم الإنترنت، بما في ذلك مقاطع الفيديو المزيفة عبر تقنية التزييف العميق (Deepfake). 

على سبيل المثال، انتشر في وقت سابق مقطع فيديو مزيف للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يدعو جنوده للاستسلام لروسيا، وهو الفيديو الذي تم تزييفه باستخدام الذكاء الاصطناعي. 

مثل هذه التقنيات تزيد من صعوبة تمييز الحقيقة من الخيال، مما يؤدي إلى أزمة في مصداقية المحتوى الذي نراه على الإنترنت. هذا يمكن أن يؤدي إلى انتشار جرائم انتحال الهوية، التلاعب بالرأي العام، والتأثيرات السلبية على الأمن العام.

من أجل الحد من هذه المخاطر، ينبغي تطوير تقنيات للكشف عن المحتوى المزيف وتعليم المستخدمين كيفية التعرف عليه، كما يجب على الشركات المعنية بالمحتوى الرقمي أن تتحمل مسؤولية أكبر في توضيح التقنيات التي تم استخدامها لإنشاء مقاطع الفيديو والمحتوى الذي يتم نشره.

3. اختفاء بعض الوظائف بسبب الأتمتة

يعد تأثير الذكاء الاصطناعي على سوق العمل من القضايا الشائكة التي تثير القلق لدى الكثير من الخبراء، من المتوقع أن يتسبب الذكاء الاصطناعي في اختفاء بعض الوظائف التي لا تتطلب مهارات إبداعية، مثل وظائف إدخال البيانات وبعض مهام المحاسبة، كما أن الأتمتة في المجالات الأخرى مثل خدمة العملاء والمبيعات قد يؤدي إلى استبدال بعض الوظائف البشرية بالأنظمة الذكية.

لكن مع ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن الذكاء الاصطناعي لن يقضي على جميع الوظائف، بل سيحدث تحولًا في طبيعة العمل. الوظائف التي تتطلب الإبداع والابتكار والمهارات البشرية ستظل قائمة، بل وستشهد تحسينًا من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي في تسريع العمليات وتحسين الأداء. ومع ذلك، لا بد من استثمار الدول والشركات في تطوير برامج تدريبية لتحسين مهارات الأفراد استعدادًا لهذه التغيرات في سوق العمل.

4. زيادة التهديدات البيولوجية والأمنية

من المخاوف الأخرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي هو احتمال استخدام هذه التكنولوجيا لتطوير أسلحة بيولوجية، مع تطور نماذج الذكاء الاصطناعي مثل تلك التي تعتمد على التعلم التعزيزي، قد يتمكن أفراد غير متخصصين من تطوير مواد بيولوجية ضارة، بما في ذلك الفيروسات القاتلة. 

وقد أظهرت دراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تساعد في تطوير أسلحة بيولوجية، مما يثير القلق بشأن استخدامها في أغراض ضارة.

من أجل التصدي لهذه التهديدات، يتطلب الأمر تعزيز الرقابة على سلاسل توريد المواد الجينية وتطوير تقنيات ذكاء اصطناعي آمنة. كما يجب وضع معايير جديدة لتقييم المخاطر المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الأمنية، وتطوير أدوات للكشف عن التطبيقات الضارة لتلك النماذج.

ختاما، بينما يعد الذكاء الاصطناعي من أكثر الابتكارات التقنية التي تُعد بمثابة ثورة في العالم، إلا أن تأثيراته السلبية على المجتمع لا يمكن تجاهلها. 

من التحديات المتعلقة بزيادة استهلاك الطاقة إلى انتشار المعلومات المضللة واختفاء بعض الوظائف، فإن هذه التقنية تتطلب إشرافًا دقيقًا من الحكومات والشركات المعنية لضمان استخدامها بشكل مسؤول وآمن. 

فقط من خلال الابتكار المسؤول وإيجاد حلول لمخاوف الخصوصية والأمن يمكننا الاستفادة بشكل كامل من الإمكانيات التي يقدمها الذكاء الاصطناعي مع تقليل مخاطره على المجتمع.