الخميس، 24 أبريل 2025

06:24 ص

tru

دراسة تكشف علاقة غير متوقعة بين المعرفة المحدودة بالذكاء الاصطناعي وزيادة الإقبال عليه

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في عصر يتسارع فيه تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولكن مع الانتشار الواسع لهذه التقنية، أثيرت تساؤلات حول كيفية استجابة الفئات المختلفة لها، خاصة فيما يتعلق بمستوى فهمهم لهذه الأنظمة المعقدة. 

على الرغم من الافتراض الشائع بأن الأشخاص الذين يمتلكون دراية تقنية أو معرفة عميقة بكيفية عمل الذكاء الاصطناعي سيكونون الأكثر حماسة لاستخدامه، إلا أن دراسة جديدة تقدم نتائج مفاجئة وغير متوقعة.

الرابط بين المعرفة المحدودة والإقبال المتزايد

نشرت الدراسة في مجلة التسويق (Journal of Marketing)، وأظهرت أن الأشخاص الذين يعرفون أقل عن الذكاء الاصطناعي هم في الواقع أكثر تقبلًا لاستخدامه. 

الباحثون أطلقوا على هذه الظاهرة اسم "رابط انخفاض المعرفة وارتفاع مستوى التقبل"، والذي يوضح العلاقة العكسية بين مستوى الفهم وميل الأشخاص لتبني هذه التقنية.

النتائج المستخلصة من الدراسة جاءت بعد إجراء تحليل شامل لمجموعات ودراسات في بيئات ثقافية وجغرافية متنوعة، على سبيل المثال، أظهرت دراسة شملت 27 دولة عبر شركة أبحاث السوق Ipsos أن الأشخاص في الدول ذات مستويات المعرفة الأقل حول الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر انفتاحًا على تبني هذه التقنية مقارنة بأولئك في الدول ذات المعرفة العالية، هذا يشير إلى أن التقبل الثقافي والاجتماعي له تأثير كبير على كيفية تعامل الناس مع هذه التقنية.

تأثير المعرفة المحدودة في السلوك

استكشفت الدراسة أيضًا كيف يمكن أن يتغير سلوك الأفراد تبعًا لمستوى معرفتهم بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فعلى سبيل المثال، أظهر استطلاع رأي شمل طلاب جامعيين في الولايات المتحدة أن أولئك الذين كانوا أقل دراية بكيفية عمل الذكاء الاصطناعي كانوا أكثر ميلاً لاستخدامه في المهام الدراسية، مثل كتابة الواجبات، هذه الظاهرة تتجسد في كيف يمكن للمستخدمين التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بطريقة عاطفية أكثر عندما لا يعرفون بالضبط كيفية عمله.

السحر وراء التقبل

يُظهر البحث أن قلة المعرفة بالذكاء الاصطناعي تجعل الأفراد يرون هذه التقنية كأداة "سحرية" أو "غامضة"، على سبيل المثال، عندما يُنتج الذكاء الاصطناعي عملًا فنيًا مدهشًا أو يكتب ردودًا معبرة تشبه تلك التي يصدرها البشر، قد يُدهش المستخدمون ويعجبون بهذه القدرات، مما يثير لديهم شعورًا بالإعجاب ينعكس في رغبتهم في استخدامه. 

بينما الأشخاص ذوو المعرفة الفنية العميقة بالذكاء الاصطناعي يدركون أن هذه الأنظمة تعتمد على خوارزميات معقدة وأنماط لغوية تم تعلمها، وبالتالي يفقدون هذا الشعور بالسحر والإعجاب.

الفرق في التقبل حسب نوع المهام

أظهرت الدراسة أن هذه الظاهرة تكون أكثر وضوحًا في المجالات التي يتم فيها ربط الذكاء الاصطناعي بالصفات البشرية، مثل تقديم الدعم العاطفي أو الاستشارات، في هذه الحالات، يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كبديل بشري في أداء المهام، مما يشجع على استخدامه. 

ولكن في المهام التي لا تثير هذا الإحساس بالقدرات البشرية، مثل تحليل البيانات أو تنفيذ العمليات الحسابية، فإن الأشخاص ذوي المعرفة العميقة يميلون إلى قبول الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة.

تزايد القبول مع الشكوك حول القدرة الأخلاقية

رغم الإعجاب الذي يظهره المستخدمون الذين لا يعرفون الكثير عن الذكاء الاصطناعي، إلا أن الدراسة كشفت عن جانب آخر مثير للاهتمام، الأشخاص الذين كانوا أقل دراية بالذكاء الاصطناعي أظهروا مشاعر مختلطة تجاهه، حيث كانوا يرونه في الوقت نفسه كمصدر للإعجاب وأيضًا مصدر للشكوك بشأن قدراته الأخلاقية، هذا يظهر أن تقبل هذه التقنية يمكن أن يحدث حتى عندما يكون هناك قلق أو تردد حول استخدامها.

تأثير هذه الظاهرة على السياسات العامة

تفتح هذه النتائج الباب أمام تحديات جديدة لصانعي السياسات والمعلمين الذين يسعون إلى تعزيز فهم الجمهور للذكاء الاصطناعي، من المحتمل أن تؤدي جهود نشر المعرفة بشكل موسع حول كيفية عمل الذكاء الاصطناعي إلى تقليل الإحساس بـ"السحر" الذي يجعل هذه التقنية مثيرة للاهتمام بالنسبة للكثيرين، هذا الأمر قد يُقلل من حماس الجمهور لتبني هذه التقنية.

لذلك، يجب أن يكون هناك توازن دقيق بين هدفين متعارضين، الأول هو مساعدة الأفراد على فهم الذكاء الاصطناعي بشكل أفضل، والثاني هو الحفاظ على انفتاحهم لتجربة هذه التقنية، تحقيق هذا التوازن أمر حاسم لتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي في المستقبل.

الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي

من خلال فهم كيفية تأثير الإعجاب بـ"سحر الذكاء الاصطناعي" على تقبل الناس لهذه التقنية، يمكن للشركات وصانعي السياسات تطوير أدوات وأدوات تعليمية تساهم في نشر الوعي حول هذه التكنولوجيا بشكل يعزز من استخدامها بشكل مسؤول وفعّال. 

لا شك أن التقدم في الذكاء الاصطناعي يعد خطوة كبيرة نحو المستقبل، ولكن الفهم الحقيقي لحدود هذه التقنية سيضمن استفادة أكبر وأدوات أكثر فاعلية في المستقبل.

search

أكثر الكلمات انتشاراً