الخميس، 24 أبريل 2025

02:31 م

tru

منصة FBC.. مليارات ضائعة وأحلام مسروقة في واحدة من أكبر عمليات الاحتيال الرقمي

منصة FBC

منصة FBC

ياسين عبد العزيز

A A

وسط أحلام الثراء السريع، استيقظ آلاف المصريين على كابوس منصة FBC، التي اختفت فجأة بعد أن جمعت نحو 6 مليارات دولار من أكثر من مليون مستثمر، لتتحول من مشروع استثماري واعد إلى واحدة من أكبر عمليات الاحتيال الرقمي التي شهدتها البلاد.

تفاصيل القصة تكشف عن مخطط مُحكم وقع ضحيته آلاف الأسر التي باعت ممتلكاتها أملاً في تحقيق أرباح خيالية، قبل أن تجد نفسها أمام سراب.

وهم الثراء السريع.. البداية من الدلتا

بدأت منصة FBC نشاطها في محافظات الدلتا، حيث روّج لها شخص يُدعى "حاتم عبد الرحمن"، الذي أقنع المستثمرين بأنها مشروع استثماري موثوق يحقق أرباحًا مضمونة. 

كانت الفكرة بسيطة لكنها مغرية: مشاهدة مقاطع فيديو على يوتيوب مقابل عوائد مالية يومية، مع إمكانية مضاعفة الأرباح عبر دعوة مستثمرين جدد.

سرعان ما بدأت المنصة في كسب ثقة المستخدمين، حيث تلقى البعض أرباحًا منتظمة في البداية، مما دفع المزيد من الأشخاص إلى الانضمام، نانسي، وهي شابة من المنيا، استثمرت 11 ألف جنيه بناءً على نصيحة صديق، بينما أنفق محمد عمر وزوجته من القليوبية 22 ألف جنيه على أمل تحقيق دخل شهري ثابت.

ولتعزيز مصداقيتها، نظمت المنصة فعالية ضخمة في قاعة دار الياسمين على كورنيش إمبابة، حضرها عدد كبير من المستثمرين المحتملين، حيث ألقى "حاتم عبد الرحمن" خطابًا مطمئنًا أكد فيه أن FBC شركة عالمية تأسست منذ عام 2000، ولديها تعاون مع الحكومة المصرية للقضاء على البطالة، كانت هذه المزاعم كافية لإقناع المزيد من المستثمرين بضخ أموالهم في المشروع.

الانهيار الكبير.. عندما تحطمت الأحلام

في فبراير 2025، بدأ السيناريو المألوف لعمليات الاحتيال الرقمية يتكرر، فجأة، توقفت المنصة عن السماح بسحب الأموال، وأغلقت جميع قنوات التواصل الخاصة بها، بينما انتشرت شائعات بأن المنصة تعرضت لهجوم إلكتروني، لكن الحقيقة سرعان ما اتضحت: لقد كانت عملية احتيال ضخمة، استهدفت أكثر من مليون شخص، وجمعت مليارات الجنيهات قبل أن تختفي دون أثر.

تزايدت الشكاوى من المستخدمين، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالتحذيرات من FBC، في الوقت نفسه، بدأت الأجهزة الأمنية المصرية تحقيقاتها، حيث كشفت التحريات أن "حاتم عبد الرحمن" لم يكن سوى واجهة لشبكة احتيال واسعة امتدت عبر عدة محافظات.

تم القبض على أحد المسؤولين عن المنصة في محافظة البحيرة، بينما لا يزال البحث جاريًا عن باقي المتورطين. وبحسب مصادر أمنية، فإن الأموال التي تم جمعها نُقلت إلى حسابات مجهولة خارج البلاد، مما يعقد عملية استردادها.

ضحايا بالمئات.. قصص مؤلمة من داخل الأزمة

مع انهيار المنصة، وجد مئات المستثمرين أنفسهم في وضع مالي حرج. بعضهم كان قد باع ممتلكاته، وآخرون اقترضوا مبالغ ضخمة لدخول المشروع.

يقول خالد السيد، أحد الضحايا، إنه اقترض 45 ألف جنيه لتغطية تكاليف جراحة ضرورية بعد تعرضه لحادث، لكنه خسرها بالكامل في المنصة، بينما أكدت سارة المغربي أن المنصة استخدمت تكتيكًا ذكيًا لخداع المستخدمين، حيث زادت الأرباح لبعض المستويات قبل الانهيار، مما شجع المستثمرين على ضخ أموال جديدة.

تحقيقات وتحذيرات.. هل يمكن استعادة الأموال؟

في ظل تصاعد الأزمة، بدأ الضحايا في تقديم بلاغات رسمية للجهات الأمنية، مطالبين بمحاسبة المسؤولين واستعادة أموالهم، فيما حذر خبراء الاقتصاد من أن مثل هذه العمليات الاحتيالية ستتكرر طالما لم يتم وضع ضوابط صارمة لتنظيم الاستثمار الإلكتروني.

كما أشارت بعض التقارير إلى أن منصة FBC ليست سوى امتداد لمنصات احتيالية سابقة، مثل PHD، التي استهدفت مستثمرين في الأردن، ووفقًا لموقع BrokerChooser، فإن الشركة المرتبطة بـ FBC، والمعروفة باسم Different Choice Fbc Inc، غير مرخصة من قبل أي هيئة مالية رسمية، مما يجعل الاستثمار فيها محفوفًا بالمخاطر منذ البداية.

كيف تحمي نفسك من الاحتيال الإلكتروني؟

بعد سقوط منصة FBC، ازداد القلق بشأن عمليات الاحتيال الرقمية التي تستغل طموحات الأفراد في تحقيق مكاسب سريعة، ويقدم خبراء الأمن السيبراني نصائح هامة لحماية المستثمرين من الوقوع في الفخ:

علامات التحذير: إذا وجدت منصة تقدم وعودًا بأرباح خيالية، أو تطلب منك إقناع أشخاص آخرين بالاستثمار مقابل عمولات، فمن المحتمل أنها عملية احتيال.

التحقق من التراخيص: قبل الاستثمار في أي منصة، يجب التحقق من تسجيلها لدى الجهات المالية المختصة.

عدم التسرع في الإيداع: يجب البحث جيدًا عن الشركة وقراءة الشروط والأحكام قبل تحويل أي أموال.

التعامل مع جهات موثوقة: ينصح الخبراء بالاستثمار في أدوات مالية معترف بها مثل شهادات الادخار، صناديق الاستثمار المرخصة، والأوراق المالية الحكومية.

تعد قضية FBC نموذجًا صارخًا للاحتيال الرقمي في العصر الحديث، حيث استغل المحتالون الثقة العمياء للمستثمرين في تحقيق أرباح سريعة، ليختفوا في النهاية بأموالهم، وبينما تسعى الجهات الأمنية إلى ملاحقة المتورطين، تبقى الحقيقة المؤلمة أن استعادة الأموال المسروقة قد يكون أمرًا بالغ الصعوبة.

لكن الأهم من ذلك هو الدرس المستفاد: الثراء السريع قد يكون مجرد وهم، والاستثمار الآمن يتطلب وعيًا، بحثًا دقيقًا، وثقة في المؤسسات المالية الرسمية، وليس في منصات مجهولة تروج لأحلام زائفة.

لمتابعة صفحة موبايل نيوز على فيسبوك اضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

search

أكثر الكلمات انتشاراً