الأربعاء، 23 أبريل 2025

11:50 ص

tru

فيسبوك في أزمة هوية.. رسائل داخلية تكشف محاولات ميتا اليائسة لاستعادة جمهور الشباب

فيسبوك

فيسبوك

ياسين عبد العزيز

A A

فيسبوك لم يعد كما كان، المنصة التي هيمنت على الإنترنت لأكثر من عقد تواجه اليوم تراجعًا حادًا في شعبيتها، فقد كشفت وثائق مسربة من داخل شركة "ميتا" أن إدارة الشركة وعلى رأسها مارك زوكربيرج كانت تعلم منذ عام 2022 أن فيسبوك يبتعد تدريجياً عن مستخدميه، خصوصاً من فئة الشباب.

ووفقًا لتلك الرسائل، شعر زوكربيرج أن النموذج التقليدي القائم على "الأصدقاء" لم يعد مجديًا، واعتبر أن مفهوم المتابعة البسيط، كما هو الحال في "تيك توك"، أكثر ملاءمة للسلوك الرقمي الجديد. 

وتضمنت إحدى الرسائل اقتراحاً غير معتاد من زوكربيرج، تمثل في حذف قوائم الأصدقاء بشكل جماعي وإجبار المستخدمين على إعادة بناء شبكاتهم من جديد، وهي خطوة وصفها بعض موظفي الشركة بالمجازفة المفرطة.

محاولة استعادة

في بداية عام 2025، وخلال إعلان نتائج الأرباح، عاد زوكربيرج للحديث عن ضرورة استعادة "روح فيسبوك الأصلية" التي اعتبرها مفقودة، وبدأت الشركة في تنفيذ تعديلات تتماشى مع هذا الطرح، من بينها إعادة تصميم تبويب الأصدقاء لتشجيع التفاعل الاجتماعي التقليدي.

ومع ذلك، تبدو الخطوات متأخرة، إذ أن طبيعة التواصل الاجتماعي نفسها تغيرت، وبدأ المستخدمون يفضلون المحتوى القصير والسريع، ويركزون على المتابعة بدلاً من العلاقات الشخصية،ورغم كل ما أعلنت عنه ميتا من تغييرات، فإن علامات الاستفهام ما زالت تحيط بإمكانية استعادة فيسبوك لمكانته.

منافسة غير نزيهة

الوثائق المسربة التي نشرتها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية أظهرت أيضاً جانباً من سياسات ميتا التوسعية، والتي تعتمد إما على نسخ ميزات المنصات المنافسة، أو الاستحواذ عليها بالكامل، وتضمنت المراسلات الداخلية نقاشات حول كيفية "قتل" المنافسين عبر التقليد أو الشراء.

وقد أشارت إحدى الرسائل إلى أن فيسبوك في عام 2012 ناقش بجدية شراء إنستغرام، لا لتطويره بل لمنع تحوله إلى تهديد حقيقي، واستُخدمت هذه الوثائق كأدلة في محاكمة تجري حالياً ضد ميتا بتهمة خرق قوانين المنافسة.

اتهامات قانونية

لجنة التجارة الفيدرالية تتهم ميتا باستخدام قوتها السوقية لقتل الابتكار ومنع ظهور منافسين فعليين، وهو ما تعتبره خرقاً مباشراً لقوانين مكافحة الاحتكار، وإذا نجحت اللجنة في إثبات ادعاءاتها، فقد تُجبر ميتا على تفكيك نفسها، وربما بيع إنستغرام أو واتساب.

ولم تُقدّم ميتا حتى الآن دفاعاً شاملاً أمام الرأي العام، لكنها على الأرجح ستحاول إثبات أن عمليات الاستحواذ التي قامت بها كانت مبررة تجارياً وليست ممارسات احتكارية.

تغيّرات السوق

البيانات المتوفرة تشير إلى أن فيسبوك يفقد موقعه كمركز للتفاعل بين الشباب، "تيك توك" بات اليوم أكثر تطبيق يُستخدم بين الفئة العمرية 18-24، في حين أن استخدام فيسبوك يتركز بين الفئات الأكبر سناً. 

ووفق تقرير داخلي نُشر عام 2023، فإن عدد المستخدمين النشطين يومياً بين المراهقين في الولايات المتحدة انخفض بنسبة 17% خلال عامين فقط.

هذه التحولات لا تعني فقط خسارة جمهور، بل تعني خسارة إعلانات، وأرباح، ونفوذ ثقافي كانت ميتا تعتمد عليه بشدة.

مصير غامض

لا أحد يعرف ما إذا كانت محاولات إعادة إحياء فيسبوك ستنجح، أو ما إذا كانت تحركات ميتا مجرد ردود أفعال مؤقتة لأزمة فقدان الاتجاه. 

وبينما تنظر المحاكم في قانونية ممارسات الشركة، يواصل المستخدمون هجرتهم الصامتة نحو تطبيقات جديدة تمنحهم حرية وتجربة تواصل أكثر مرونة.

ويبقى السؤال المفتوح: هل يمكن لفيسبوك أن يتغير بما يكفي لاستعادة الشباب، أم أن المنصة وصلت إلى ذروتها بالفعل، وبدأت رحلتها نحو الخلف؟ الإجابة لا تزال بعيدة، لكن الاتجاهات الحالية لا تعطي مؤشرات إيجابية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً