مايكروسوفت تكشف عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد للتحكم في برامج ويندوز

في خطوة جديدة تضع مايكروسوفت في طليعة الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، أعلنت الشركة عن تطوير نموذج ذكاء اصطناعي يحمل اسم "Large Action Model" أو "LAM"، وهو يتمتع بقدرة فريدة على تشغيل برامج ويندوز وتنفيذ المهام بشكل مستقل، يشكل هذا النموذج نقلة نوعية في قدرة الذكاء الاصطناعي على تنفيذ الأوامر الفعلية وتطبيقها في بيئة العمل اليومية.

تُعتبر هذه التقنية تحولًا حقيقيًا مقارنة بالنماذج التقليدية مثل GPT-4o التي تقتصر قدراتها على معالجة وإنشاء النصوص، بينما تظل تلك النماذج فعالة في تحليل البيانات النصية، يأتي نموذج LAM ليقدم خطوة جديدة نحو الذكاء الاصطناعي القادر على التحكم الفعلي في البرمجيات والتفاعل معها كما يفعل البشر، هذه القدرة تجعل من LAM أداة قوية يمكنها تحقيق مهام معقدة، مثل تشغيل البرامج أو حتى التنقل بين تطبيقات ويندوز دون الحاجة لتدخل بشري مباشر.

على عكس الأنظمة التي تقتصر فقط على تقديم الإرشادات والنصائح، يقوم نموذج LAM بتنفيذ الأوامر بشكل تلقائي، على سبيل المثال، بدلاً من تقديم تعليمات نصية للشراء عبر الإنترنت، يمكن للنموذج تنفيذ عملية الشراء بالكامل، بما في ذلك التفاعل مع واجهة المستخدم على المواقع الإلكترونية المختلفة، هذا التقدم يعكس تحولًا في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتسهيل الأعمال اليومية وتحسين الإنتاجية في بيئات العمل المتطورة.

الخطوات الأساسية لتطوير LAM

تطوير نموذج LAM لم يكن عملية بسيطة، حيث خضع لعدة مراحل رئيسية ساهمت في تحسين أدائه، بدأت هذه المراحل بتدريب النموذج على تخطيط المهام وتقسيمها إلى خطوات منطقية قابلة للتنفيذ، ثم تبع ذلك تعلم النموذج من نماذج متقدمة مثل GPT-4o ليتمكن من تحويل الخطط إلى أفعال ملموسة. 

المرحلة الثالثة شملت الاستكشاف الذاتي، حيث أصبح النموذج قادرًا على البحث عن حلول جديدة للتغلب على التحديات التي قد يواجهها أثناء تنفيذ المهام، وأخيرًا تم تضمين التدريب المستند إلى المكافآت لزيادة دقة الأداء.

اختبر فريق مايكروسوفت النموذج الجديد في بيئة عملية باستخدام برنامج "ورد" الخاص بمعالجة النصوص، وفي اختبار لفعالية تنفيذ المهام، أثبت نموذج LAM قدرته على إنجاز المهام بنسبة نجاح بلغت 71%، متفوقًا على نموذج GPT-4o الذي حقق نسبة نجاح 63% في بيئة مشابهة دون إضافة معلومات بصرية. 

وعندما أُضيفت معلومات بصرية لنموذج GPT-4o، تحسنت دقته بشكل ملحوظ ليصل إلى 75.5%. ومع ذلك، كان نموذج LAM أسرع بشكل ملحوظ، حيث استغرق فقط 30 ثانية لتنفيذ المهمة مقارنة بـ 86 ثانية لنموذج GPT-4o.

التحديات والتطورات المستقبلية

رغم الإنجازات التي حققها نموذج LAM، يواجه النموذج بعض التحديات التي يجب التغلب عليها، من أبرز هذه التحديات هو أن النموذج قد يرتكب أخطاء في تنفيذ بعض الأفعال، وهو ما قد يؤثر على مستوى الثقة في تنفيذه للمهام الدقيقة. 

بالإضافة إلى ذلك، هناك بعض القضايا التنظيمية والتقنية التي تحتاج إلى حلول لضمان قابلية التوسع وتطبيق النموذج في مجالات متنوعة.

لكن مع هذا التقدم الكبير، يرى فريق مايكروسوفت أن نموذج LAM يمثل خطوة هامة نحو الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، الذي يهدف إلى إنشاء أنظمة قادرة على أداء المهام بمستوى مشابه للبشر. 

وفي حال تحقيق النجاح في تطبيقات مثل LAM، قد تصبح الشركات في المستقبل قادرة على تقديم مساعدين رقميين قادرين على تنفيذ المهام اليومية بشكل فعّال ودقيق.

تأثير LAM على مستقبل الذكاء الاصطناعي

يمثل تطوير LAM تقدمًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث يفتح المجال أمام استخدامات أكثر تقدمًا للذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية،فقد اعتدنا على أن الذكاء الاصطناعي يقتصر على فهم النصوص والإجابة على الأسئلة، ولكن مع LAM، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح أكثر فاعلية في تقديم حلول عملية، النموذج الجديد يوسع أفق التطبيقات الممكنة للذكاء الاصطناعي، مما قد يغير الطريقة التي نعمل بها في المستقبل.

إذا استمرت مايكروسوفت في تحسين هذه التكنولوجيا، يمكن أن نرى نماذج ذكاء اصطناعي متطورة تستخدم في جميع القطاعات لتبسيط المهام اليومية، سواء في العمل المكتبي أو العمليات الصناعية، سيؤدي هذا إلى زيادة الإنتاجية وتوفير وقت ثمين كان يُستهلك في القيام بمهام روتينية. 

في المستقبل، قد يتحول الذكاء الاصطناعي من أداة مساعدة إلى شريك رقمي حقيقي، يعمل جنبًا إلى جنب مع البشر لتحقيق أهدافهم بكفاءة أعلى.