الصين توسع حدود الذكاء الاصطناعي بإطلاق نموذج جديد لتوليد الفيديوهات من صورة واحدة

كشفت شركة بايت دانس، المالكة لتطبيق تيك توك، عن نموذج ذكاء اصطناعي جديد يحمل اسم OmniHuman-1، قادر على توليد فيديوهات كاملة انطلاقًا من صورة واحدة فقط وملف صوتي واحد، هذا التطور التقني يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة، لكنه يثير في الوقت ذاته مخاوف تتعلق بالأمان والمصداقية، خاصة مع تصاعد القلق العالمي بشأن تقنيات التزييف العميق (Deepfake).

قفزة نوعية في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

بحسب ما أعلنت بايت دانس، يمكن لنموذج OmniHuman-1 إنشاء فيديو بأي مدة، وتحريك تعابير الوجه والجسم بشكل متقن، مع توليد الصوت المتطابق بناءً على البيانات المدخلة، لم تقتصر قدراته على إنشاء فيديوهات من صور ثابتة، بل يستطيع تحرير مقاطع الفيديو الموجودة وتعديل حركات الجسم مثل حركة الأذرع، مما يجعله أداة قوية لتحرير المحتوى البصري.

أوضحت الشركة أن النموذج تم تدريبه على 19,000 ساعة من المحتوى، لكنها لم تكشف عن مصادر هذه البيانات، هذه النقطة تثير تساؤلات حول مدى قانونية استخدام البيانات في تدريب مثل هذه النماذج، خصوصًا في ظل تصاعد الرقابة العالمية على الذكاء الاصطناعي.

مخاوف أمنية واستغلال محتمل

التطور السريع في تقنيات التزييف العميق يثير مخاوف متزايدة بشأن إساءة استخدامها، القدرة على إنشاء مقاطع فيديو مزيفة بدقة عالية من صورة واحدة فقط، قد يسهل نشر الأخبار الكاذبة، والتلاعب بالمحتوى السياسي، وارتكاب جرائم رقمية.

تشير تقارير أمنية إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الجرائم الرقمية ارتفع بشكل كبير خلال العام الماضي، ما يجعل تطوير نماذج مثل OmniHuman-1 موضع جدل واسع. 

الحكومات والمؤسسات الأمنية في العديد من الدول تراقب هذا النوع من التكنولوجيا عن كثب، وسط دعوات لوضع إجراءات تنظيمية صارمة للحد من إساءة استخدامها.

تأثير الحظر الأمريكي على استثمارات بايت دانس

يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه العلاقات التقنية بين الصين والولايات المتحدة توترًا متزايدًا، كشفت تقارير من صحيفة The Information أن شركة بايت دانس تخطط لإنفاق 7 مليارات دولار لاستئجار بطاقات معالجة رسومية Nvidia لدعم أبحاث الذكاء الاصطناعي، وذلك كرد فعل على الحظر الأمريكي المفروض على تصدير هذه التقنيات إلى الصين.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل بايت دانس على تطوير معالجات ذكاء اصطناعي خاصة بها، ومن المتوقع أن تبدأ إنتاجها بحلول عام 2026، ما يعكس رغبة الصين في تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية وتطوير بنية تحتية مستقلة للذكاء الاصطناعي.

منافسة شرسة في سباق الذكاء الاصطناعي

إطلاق نموذج OmniHuman-1 ليس التطور الوحيد في الساحة التقنية الصينية، قبل أسبوع فقط، أحدث نموذج DeepSeek الصيني زلزالًا في عالم الذكاء الاصطناعي، ما تسبب في خسائر كبيرة لعدد من كبرى شركات التقنية الأمريكية، وأجبر OpenAI على الإسراع في تطوير وإطلاق نموذج جديد قادر على التفكير المنطقي للعامة.

الصراع الصيني الأمريكي في مجال الذكاء الاصطناعي يزداد احتدامًا، مع ظهور تقنيات صينية تنافس مباشرة كبرى الشركات الأمريكية، هذا التقدم السريع قد يؤدي إلى إعادة تشكيل خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية، ويعزز المنافسة التي تصب في النهاية لصالح المستخدمين من خلال تطوير تقنيات أكثر تقدمًا بأسعار أقل.

هل يشكل OmniHuman-1 تهديدًا أم فرصة؟

التقدم التقني الذي تحققه الشركات الصينية، مثل بايت دانس، يفتح المجال أمام إمكانيات غير مسبوقة في إنتاج المحتوى الرقمي. في الوقت نفسه، يطرح تحديات تتعلق بالأمان والمصداقية، مما يستدعي تحركًا دوليًا لتنظيم استخدام هذه التقنيات وضمان عدم استغلالها في أنشطة غير قانونية.

مع استمرار المنافسة في هذا المجال، سيكون للقرارات التنظيمية والتطورات التقنية القادمة دور حاسم في تحديد مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على العالم.