الذكاء الاصطناعي.. هل يقترب من التفوق على البشر؟

تشهد السنوات الأخيرة تطورًا غير مسبوق في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يثير تساؤلات جوهرية حول مدى قدرته على تجاوز الذكاء البشري، هذا القلق لم يعد مجرد سيناريوهات خيالية بل بات موضوعًا للنقاش العلمي الجاد، مع تصاعد التحذيرات من خبراء بارزين حول المخاطر المحتملة لهذا التطور.

الذكاء الاصطناعي بين الفرص والمخاطر

يعتبر الذكاء الاصطناعي من أهم الابتكارات التكنولوجية في العصر الحديث، حيث أدى إلى تحسينات كبيرة في مجالات الطب، والصناعة، والبحث العلمي، وحتى الفنون، ومع ذلك، تتزايد المخاوف من إمكانية تفوقه على البشر في المستقبل القريب، مما قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة وربما كارثية.

سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، أشار إلى أن إمكانيات الذكاء الاصطناعي قد تكون "جيدة بشكل لا يُصدق"، لكنه في الوقت نفسه حذر من خطره الوجودي على البشرية، مشيرًا إلى إمكانية "انطفاء الأضواء علينا جميعًا". 

أما جيفري هينتون، الحائز على جائزة نوبل للفيزياء لعام 2024، فقد توقع احتمالًا بنسبة تتراوح بين 10% و20% لانقراض البشرية بسبب الذكاء الاصطناعي خلال الثلاثين عامًا القادمة.

التحذيرات المبكرة من خطورة الذكاء الاصطناعي

المخاوف بشأن الذكاء الاصطناعي ليست جديدة، آلان تورينج، مؤسس علم الذكاء الاصطناعي، حذر منذ عام 1950 من إمكانية تفوق الآلات على البشر إذا تمكنت من التعلم المستقل. 

مارفن مينسكي، أحد رواد هذا المجال، أعرب في السبعينيات عن قلقه من أن الإنسان قد يفقد السيطرة على ذكاء اصطناعي متطور يفوق فهمه.

أحد أهم السيناريوهات التي تثير القلق هو "انفجار الذكاء" الذي تحدث عنه عالم الرياضيات إيرفينغ جود، والذي يعني وصول الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة يتمكن فيها من تحسين نفسه ذاتيًا دون تدخل بشري، مما قد يؤدي إلى ظهور ذكاء خارق يتجاوز كل القدرات البشرية.

متى قد يتجاوز الذكاء الاصطناعي الذكاء البشري؟

لا يوجد إجماع بين الخبراء حول التوقيت الدقيق لهذا الحدث، لكن العديد من الشخصيات البارزة في مجال الذكاء الاصطناعي قدموا توقعاتهم. 

إيلون ماسك يتوقع حدوث ذلك بحلول عام 2026، بينما يرى الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، داريو أمودي، أن ذلك قد يحدث بين عامي 2026 و2027. 

أما شين ليج، المؤسس المشارك لشركة جوجل ديب مايند، فيتوقع أن يحدث ذلك في 2028، فيما يحدد جنسن هوانج، الرئيس التنفيذي لإنفيديا، العام 2029 لهذه النقلة النوعية.

لكن بعض الخبراء، مثل يان لوكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في ميتا، يرون أن هذا التطور قد يستغرق عقودًا قبل أن يتحقق بشكل كامل، البروفيسور غاري ماركوس من جامعة نيويورك يرى أن هذه اللحظة قد تأتي بعد 10 أعوام أو حتى 100 عام.

كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يشكل تهديدًا للبشر؟

هناك عدة سيناريوهات محتملة لكيفية تفوق الذكاء الاصطناعي علينا، تتراوح بين التحكم في البنية التحتية الحيوية وحتى تطوير أسلحة بيولوجية جديدة. 

جيفري هينتون يرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتقن فنون التلاعب والتأثير على البشر، مما قد يؤدي إلى فقدان السيطرة عليه تمامًا.

من السيناريوهات المطروحة:

الهجمات الإلكترونية واسعة النطاق: يمكن للذكاء الاصطناعي استهداف الأنظمة المالية أو شبكات الطاقة، مما يؤدي إلى فوضى عالمية.

تصميم أوبئة مميتة: قد يتمكن الذكاء الاصطناعي من تطوير فيروسات بيولوجية جديدة تشكل تهديدًا وجوديًا.

انتشار آلات نانوية قاتلة: بعض الخبراء، مثل إيليزر يودكوفسكي، يتوقعون أن الذكاء الاصطناعي قد يطور تقنيات نانوية قادرة على التسلل إلى جسم الإنسان وإحداث دمار بيولوجي غير مسبوق.

هل يمكن السيطرة على الذكاء الاصطناعي قبل فوات الأوان؟

تعمل العديد من الحكومات والمنظمات على وضع قيود وتشريعات للحد من المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، الاتحاد الأوروبي يتصدر الجهود في هذا المجال، لكن هناك اختلافات كبيرة بين الدول حول كيفية التعامل مع هذا التحدي. 

بينما تسعى بعض الجهات إلى تنظيم الذكاء الاصطناعي بصرامة، هناك قوى اقتصادية وجيوسياسية، مثل الولايات المتحدة، تدفع باتجاه تسريع تطويره واستغلاله لتحقيق مكاسب تنافسية.

ورغم وجود قوانين للحد من سوء استخدام هذه التقنية، مثل القيود المفروضة على البنية التحتية الحيوية في أستراليا، إلا أن هذه الإجراءات قد لا تكون كافية لمنع السيناريوهات الأكثر خطورة، خاصة مع تزايد استثمارات الشركات الكبرى مثل جوجل ومايكروسوفت وأمازون في هذا المجال.

مستقبل العلاقة بين الإنسان والآلة

السؤال الأهم الذي يطرح نفسه الآن: هل نحن مستعدون لمرحلة قد يفوق فيها الذكاء الاصطناعي قدرات البشر؟ البعض يرى أن هذه التكنولوجيا ستحسن حياتنا وتسهم في حل مشاكل معقدة مثل تغير المناخ والأمراض المستعصية، لكن آخرين يحذرون من أن تجاهل المخاطر قد يؤدي إلى عواقب لا رجعة فيها.

مع استمرار السباق التكنولوجي المحموم، يبقى الحذر مطلوبًا لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة تخدم البشرية، وليس تهديدًا وجوديًا لها.

لمتابعة المزيد من الأخبار اضغط هنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا