تيك توك على المحك.. سباق أمريكي للاستحواذ عليه وإنقاذه من الحظر

أصبح تطبيق تيك توك، المملوك لشركة بايت دانس الصينية، في وضع حساس للغاية في الولايات المتحدة، حيث يواجه تحديات أمنية تتعلق بالخصوصية وحماية البيانات، ففي يناير 2025، أقر الكونغرس الأمريكي قانونًا يهدد بحظر التطبيق ما لم يتم بيعه لشركات غير صينية بحلول 5 أبريل من العام ذاته. 

هذا القرار دفع العديد من الشركات الأمريكية الكبرى إلى الدخول في سباق محموم للاستحواذ على التطبيق أو التوصل إلى حلول لضمان بقائه في الأسواق الأمريكية.

الضغط السياسي والمفاوضات المستمرة

تأتي هذه الضغوط على خلفية المخاوف الأمنية التي تتعلق بإمكانية استخدام الحكومة الصينية للتطبيق في التجسس أو التأثير على الرأي العام الأمريكي. 

بينما كانت الإدارة الأمريكية السابقة تحت قيادة دونالد ترامب قد حاولت في البداية حظر التطبيق، فإن الوضع الحالي يحمل معه تعقيدات أكبر، حيث تشهد المفاوضات بين الأطراف المعنية تطورًا مستمرًا.

ومن خلال التمديد الذي أعلنه الرئيس الأمريكي، تم منح مهلة إضافية للمفاوضات التي تركز على فصل التطبيق عن الشركة الأم الصينية. 

وفي هذا السياق، بدأ كبار المستثمرين الأمريكيين، بالتعاون مع شركة أوراكل، في دراسة صفقة تهدف إلى إقناع السلطات الأمريكية بتقديم ضمانات كافية بأن التطبيق لم يعد تحت السيطرة الصينية. 

وتبدو أوراكل، التي تعمل على ضمان تخزين بيانات المستخدمين الأمريكيين على خوادمها منذ عام 2020، أبرز المرشحين لإتمام الصفقة.

خيارات متعددة للاستحواذ على تيك توك

تعددت العروض من مستثمرين وشركات أمريكية تسعى للاستحواذ على تيك توك، وتضمنت بعض الأسماء البارزة مثل فرانك مكوورت، رجل الأعمال في مجال الإعلام والرياضة، بالشراكة مع أليكسس أوهانيان، مؤسس موقع ريدِت، عبر كيان يحمل اسم " Project Liberty". 

بالإضافة إلى ذلك، تقدم ريد راسنر، الرئيس التنفيذي لشركة Omnivest Financial، بعرض كبير لشراء التطبيق، مدعومًا بتعهدات مالية ضخمة تصل إلى 50 مليار دولار من شركات استثمار أمريكية.

لكن المنافسة لا تقتصر فقط على الشركات التقليدية؛ فقد قدمت شركة Perplexity عرضًا مبتكرًا يهدف إلى دمج قدرات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي مع مكتبة الفيديوهات الخاصة بـ تيك توك، مما يخلق تجربة فريدة للمستخدمين. 

ويعتبر هذا العرض من أبرز الأفكار التي تسعى لتغيير كيفية استخدام تيك توك في المستقبل، مع إمكانيات جديدة قد تغير شكل التفاعل مع المحتوى على الإنترنت.

الشروط الصينية وتأثيرها على الصفقة

على الرغم من تراجع الحكومة الصينية عن تهديداتها بعرقلة الصفقة، إلا أن بايت دانس لا تزال متمسكة بحقها في الحفاظ على سيطرتها على خوارزمية التطبيق، وهو شرط أساسي تم فرضه من قبل الحكومة الصينية، هذه الخوارزمية التي تحدد كيفية عرض المحتوى لمستخدمي التطبيق في جميع أنحاء العالم، هي ما يجعل تيك توك أكثر تميزًا من غيره من التطبيقات. 

وفي المقابل، تتطلع الحكومة الأمريكية إلى ضمان أن تكون البيانات الأمريكية تحت إشراف محلي، ما يجعل أي حل وسط بين الأطراف المختلفة معقدًا للغاية.

تعتبر أوراكل الخيار الأكثر قبولًا من قبل الولايات المتحدة، حيث سبق لها التعاون مع تيك توك في ما يعرف بـ "مشروع تكساس"، الذي يهدف إلى تأمين بيانات المستخدمين الأمريكيين، مع ذلك، لا تزال الأمور عالقة في انتظار موافقة جميع الأطراف المعنية بما في ذلك الحكومة الأمريكية، بايت دانس، والحكومة الصينية.

مستقبل تيك توك

مع اقتراب الموعد النهائي في 5 أبريل 2025، يصبح مصير تيك توك في الولايات المتحدة على المحك، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين جميع الأطراف، فإن التطبيق قد يواجه حظرًا نهائيًا في أكبر سوق له، وهو ما سيؤثر على أكثر من 170 مليون مستخدم أمريكي. 

الخيارات المطروحة أمام الأطراف تتراوح بين إنشاء نسخة أمريكية من التطبيق تحت إدارة شركات مثل أوراكل أو Perplexity، أو استمرار التفاوض على طريقة لفصل التطبيق بشكل كامل عن الشركة الصينية الأم، مع ضمان عدم تأثير الحكومة الصينية على الإدارة التقنية للتطبيق.

تفضّل بايت دانس أن يتم الاتفاق مع أوراكل، بما يضمن لها السيطرة على الخوارزمية، مع توفير الضمانات الأمنية المطلوبة من جانب الولايات المتحدة، لكن الخيارات الأخرى مثل عرض Perplexity تقدم بعدًا تكنولوجيًا جديدًا، قد يكون له تأثير كبير على مستقبل التطبيق في حال نجاحه.

في النهاية، فإن المفاوضات الجارية حول تيك توك تمثل أكثر من مجرد صفقة تجارية؛ إنها معركة بين القوى الكبرى في العالم التكنولوجي، حيث يتم تحديد شروط الهيمنة على المعلومات والبيانات. 

ومع وجود العديد من الأطراف التي تتنافس على السيطرة على التطبيق، يبقى السؤال الأهم: هل سينجح تيك توك في البقاء في السوق الأمريكي أم سيتم فرض الحظر عليه، مما ينهي حقبته التي استمرت سنوات عديدة؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.