الخميس، 24 أبريل 2025

12:20 ص

tru

ابتكار جديد في الذكاء الاصطناعي لتحويل موجات الدماغ إلى كلام لحظيًا

موجات الدماغ

موجات الدماغ

ياسين عبد العزيز

A A

في إنجاز علمي هام يمثل قفزة نوعية في مجال واجهات التخاطب بين الدماغ والحاسوب (BCIs)، أعلن فريق بحثي مشترك من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو عن تطوير تقنية جديدة تتيح تحويل الإشارات الدماغية إلى كلام طبيعي لحظيًا، وهو ما يعد اختراقًا كبيرًا للأشخاص الذين يعانون من شلل حاد يمنعهم من القدرة على التواصل اللفظي.

التقنية الجديدة

تمكن الفريق من معالجة أحد أكبر التحديات في مجال الأطراف الاصطناعية العصبية للكلام، وهو مشكلة التأخير الزمني بين محاولة الشخص التحدث وإنتاج الصوت الفعلي، وقد استطاعوا باستخدام الذكاء الاصطناعي وابتكار طريقة بث جديدة تحويل الإشارات الدماغية المعقدة إلى كلام مسموع في وقت قريب من الوقت الفعلي لمحاولة التحدث.

تجاوز التأخير الزمني

لطالما كان التأخير الزمني في فك تشفير الإشارات الدماغية أحد أبرز العقبات التي تواجه فعالية الأطراف الاصطناعية العصبية للكلام، حيث كان يؤدي إلى أن التواصل يصبح بطيئًا وغير طبيعي، هذا التأخير كان يحد من استخدام هذه التقنيات في الحياة اليومية، ولكن الباحثين في جامعة كاليفورنيا نجحوا في التغلب على هذه المشكلة بفضل استخدامهم لأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما جعل عملية تحويل الإشارات الدماغية إلى كلام أكثر سلاسة وطبيعية.

التطور في فهم البيانات العصبية

الدكتور جوبالا أنومانشيبالي، الأستاذ المساعد في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي والباحث الرئيسي في الدراسة، أوضح أن التقنية الجديدة تعتمد على تقنيات مشابهة لتلك التي تستخدمها المساعدات الصوتية الشائعة مثل أليكسا وسيري، وقال إن الفريق اكتشف طريقة لتقليص التأخير الزمني بشكل ملحوظ باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي، ما يسمح بإنشاء توليف صوتي أكثر طبيعية وطلاقة.

التجربة السريرية والتحديات

يعمل جراح الأعصاب الدكتور إدوارد تشانج، الباحث الرئيسي الأول في الدراسة، على قيادة التجربة السريرية التي يتم إجراؤها في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، تعتمد هذه التجربة على استخدام مصفوفات متقنة من الأقطاب الكهربائية التي تسجل النشاط العصبي مباشرة من سطح الدماغ، ما يوفر بيانات دقيقة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، الدكتور تشانج عبر عن تفاؤله بإمكانية تسريع تطبيق هذه التقنية في المستقبل القريب.

التطبيقات المتنوعة

أثبت الباحثون أيضًا أن الخوارزمية الجديدة لا تقتصر على نوع واحد من الأجهزة العصبية، بل يمكن تطبيقها على مختلف الأنواع مثل الأقطاب الكهربائية الدقيقة (MEAs) أو التسجيلات غير الجراحية (sEMG)، هذا التوسع في قابلية تطبيق التقنية يعزز من مرونتها ويجعلها مناسبة لعدد من الحالات المختلفة.

الآلية التقنية لواجهة الدماغ

تعتمد واجهة الدماغ الجديدة على تسجيل النشاط العصبي من القشرة الحركية، وهي المنطقة المسؤولة عن التحكم في إنتاج الكلام، حيث يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحويل هذه الإشارات إلى كلام، تبدأ العملية باعتراض الإشارات العصبية في المرحلة التي تتحول فيها الفكرة إلى عملية نطق، ما يعني أن عملية فك التشفير تتم بعد أن يقرر الشخص ما يريد قوله.

دقة واستمرارية البث الصوتي

يتمثل أبرز إنجاز في تقليص التأخير الزمني من نحو 8 ثوانٍ إلى حوالي ثانية واحدة فقط، هذا التقدم يعني أنه يمكن توليد أول صوت خلال ثانية من بث الإشارة التي تعكس نية النطق، كما أن الجهاز قادر على فك تشفير الكلام بشكل مستمر مما يتيح للمستخدم متابعة الحديث دون انقطاع، والأهم من ذلك أن السرعة المتزايدة لم تؤثر على الدقة، حيث استمر النظام في الحفاظ على نفس مستوى الدقة الذي تحقق في الأنظمة السابقة.

التأكد من قدرات النموذج

للتحقق من أن النموذج لا يعتمد فقط على تكرار البيانات، اختبر الباحثون قدرته على توليف كلمات غير موجودة في مجموعة بيانات التدريب، مثل كلمات نادرة من الأبجدية الصوتية لحلف شمال الأطلسي، وقد أظهرت النتائج أن الذكاء الاصطناعي قادر على التعامل مع هذه الكلمات بكفاءة، مما يثبت أنه يتعلم جوهر اللغة وليس مجرد حفظ كلمات.

تحسين تجربة التواصل

تجربة المريضة "آن"، التي شاركت في الدراسة، كانت حاسمة في إثبات فاعلية التقنية الجديدة، فقد أوضحت أن النهج الجديد منحها شعورًا أكبر بالتحكم في عملية التواصل، وأعطى لها إحساسًا أكبر بالاتصال بكلامها، حيث أن سماع صوتها في الوقت الفعلي جعله أقرب إلى الواقع.

الآفاق المستقبلية للتكنولوجيا

هذا الإنجاز العلمي يمهد الطريق لتحقيق تقدمات أكبر في مجال واجهات الدماغ والحاسوب. 

الدكتور جون تشو، طالب الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا والمشارك في الدراسة، عبّر عن تفاؤله بمستقبل هذه التكنولوجيا وأشار إلى أهمية تطوير الخوارزميات لتحسين سرعة وجودة توليد الصوت. 

كما يهدف الباحثون إلى إضافة المزيد من القدرة التعبيرية للأصوات الناتجة، مثل التغيرات في النبرة والحدة، ما يجعلها أقرب إلى طريقة الكلام الطبيعي.

التطورات العالمية في هذا المجال

يأتي هذا التطور ضمن سلسلة من الابتكارات في مجال واجهات الدماغ والحاسوب، حيث كشفت شركة "Paradromics" عن واجهة جديدة تدعى "Connexus"، كما تعمل شركة "Neuralink" المملوكة لإيلون ماسك على تطوير شريحة دماغية تحت اسم "N1"، هذه الجهود تعكس المنافسة الشديدة في هذا المجال التكنولوجي المتسارع والذي يحمل إمكانيات كبيرة لتحسين حياة الأفراد الذين يعانون من تحديات طبية معقدة.

search

أكثر الكلمات انتشاراً