الأربعاء، 23 أبريل 2025

07:59 م

tru

كيف يزيد الذكاء الاصطناعي من مخاطر تزييف الفواتير؟

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

يتقدم الذكاء الاصطناعي بخطى متسارعة نحو إعادة تشكيل كافة مجالات الحياة، ويمتد تأثيره من تحسين خدمات التنقل الذكي إلى إحداث ثورة في المجال الصحي عبر أدوات التشخيص المبكر، إلا أن هذه التقنيات التي تعد بآفاق واسعة باتت تمثل أيضًا بابًا جديدًا وخطيرًا للاحتيال الرقمي، وخصوصًا في ما يتعلق بتزوير الوثائق المالية والفواتير.

تزييف متقن

أدى تطور قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى بروز نوع جديد من التهديدات الرقمية، إذ أصبحت أنظمة توليد النصوص والصور قادرة على إنشاء مستندات مزيفة بواقعية يصعب تمييزها عن الأصلية، وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بإيصالات الشراء أو فواتير النفقات. 

ونتيجة لذلك، أصبحت الشركات والأفراد على حد سواء في مواجهة مباشرة مع خطر مستندات مزورة يصعب اكتشافها حتى بالفحص الدقيق.

تهديد للشركات

لا تقتصر خطورة هذه المستندات المزيفة على الأفراد فحسب، بل باتت المؤسسات الكبرى والهيئات الحكومية تواجه تحديًا متناميًا يتمثل في مطالبات استرداد أموال غير حقيقية، يتم دعمها بإيصالات مصممة بدقة عالية، وبتنسيق يحاكي الأصل من حيث الخطوط والرموز والعلامات الأمنية، ويصعب أحيانًا التمييز بين المستند الأصلي والمزيف حتى من قبل الخبراء.

تكاليف فادحة

تشير تقديرات جمعية محققي الاحتيال الدولية (ACFE) إلى أن المؤسسات تخسر نحو 5% من إيراداتها السنوية بسبب عمليات الاحتيال، ويمثل الاحتيال في الفواتير نحو 35% من مجمل هذه الحالات، مع متوسط خسائر يصل إلى 150,000 دولار لكل حالة يتم الإبلاغ عنها. 

ويفاقم الذكاء الاصطناعي هذا الخطر من خلال إزالة الحواجز التقنية التي كانت تحد سابقًا من قدرة المحتالين على تنفيذ مثل هذه الجرائم.

فرص متزايدة

يعزز الذكاء الاصطناعي أحد الأضلاع الرئيسية لما يُعرف بمثلث الاحتيال، وهو "الفرصة"، إذ لم يَعُد إنشاء فاتورة أو إيصال مزيف يتطلب مهارات متقدمة، بل بات متاحًا لأي شخص يملك اتصالًا بالإنترنت، بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي التي تتيح إنشاء مستندات واقعية المظهر في بضع ثوانٍ فقط. 

وبهذا، لا يخلق الذكاء الاصطناعي دوافع جديدة للاحتيال، لكنه يوسّع مساحة الفرصة، مما يؤدي حتمًا إلى زيادة معدلات ارتكاب الجريمة.

تأثير مجتمعي

عندما تُستخدم المستندات المزيفة للاحتيال الضريبي، فإن العبء لا يقع على الضحايا فقط، بل يمتد إلى المجتمع بأكمله، وخصوصًا عندما تُقلَّص إيرادات الدولة بسبب هذه الممارسات، مما قد ينعكس سلبًا على الخدمات العامة مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. 

وتشير بيانات مكتب الضرائب الأسترالي إلى فجوة ضريبية سنوية تقدر بـ2.7 مليار دولار بسبب المطالبات الكاذبة ضمن قطاع الشركات الصغيرة وحده.

صعوبة الكشف

يتزامن تصاعد هذا التهديد مع انتقال متزايد نحو الفواتير الرقمية، مما يُفقد المستندات العديد من ميزات الأمان المادية مثل الورق الخاص أو العلامات المائية، ويفتح المجال أمام التزييف الرقمي غير المرئي، كما أن الفحص البصري البسيط لم يعد كافيًا للتمييز بين الأصل والتزوير.

حلول رقمية

تسعى بعض الجهات إلى مواجهة هذا الخطر عبر معايير مثل C2PA التي تدمج بيانات التوثيق في بنية الملفات، لكن هذه الحلول ليست محصنة، إذ يمكن تجاوزها بسهولة عبر تقنيات بسيطة مثل أخذ لقطات شاشة، وبهذا، يبدو أن الحاجة باتت ملحة لاعتماد أنظمة تحقق ذكية، تشمل مطابقة السجلات المصرفية واستخدام البلوك تشين وتحليل الأنماط الاحتيالية.

واقع جديد

في ظل هذا التهديد المتصاعد، لم يَعُد الاكتفاء بالنظر إلى المستند دليلاً على صدقه كافيًا، بل أصبح من الضروري بناء بيئة تحقق رقمية شاملة تواكب التطور التقني في أدوات التزييف، وتركز على الابتكار المتواصل لتأمين النظام المالي العالمي ضد الخداع عالي التقنية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً