الأربعاء، 23 أبريل 2025

07:07 م

tru

مستقبل ميتا على المحك مع تصاعد الاتهامات الاحتكارية في المحاكم الأمريكية

شركة ميتا

شركة ميتا

ياسين عبد العزيز

A A

تواجه شركة ميتا، المالكة لمنصات فيسبوك وإنستاجرام وواتساب، واحدة من أكبر التحديات القانونية في تاريخها، بعدما بدأت لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) أولى جلساتها القضائية ضدها، في مسعى لإجبار الشركة على التفكيك بسبب اتهامات بممارسة احتكار غير قانوني لسوق وسائل التواصل الاجتماعي، وقد انطلقت الجلسات رسميًا يوم الإثنين 14 أبريل 2025، في العاصمة واشنطن، وسط اهتمام إعلامي ومراقبة دقيقة من القطاع التقني والسياسي على حد سواء.

القضية، التي يتوقع أن تستمر لعدة أسابيع، تهدف إلى إعادة رسم خريطة سوق التواصل الاجتماعي، عبر محاولة فصل منصتي إنستاجرام وواتساب عن الشركة الأم، ميتا، بعد أكثر من عشر سنوات على استحواذها عليهما، ويُنظر إلى هذا الإجراء كخطوة اختبار حاسمة لقدرة السلطات الأمريكية على ضبط سلوك الشركات التقنية الكبرى، ومنعها من استخدام قوتها السوقية الهائلة لاحتكار المجال والحد من الابتكار.

البداية القانونية

بدأت المحاكمة بتقديم لجنة التجارة الفيدرالية مرافعتها الافتتاحية، التي وضعت الأساس للاتهامات الموجهة ضد ميتا، متهمةً الشركة بتطبيق ما يُعرف بـ "الاستحواذات القاتلة"، وهي صفقات تُبرم بهدف القضاء على المنافسة، وليس تحسين الخدمات أو توسيع الخيارات أمام المستخدمين.

وكانت صفقة الاستحواذ على إنستاجرام قد أُبرمت في عام 2012، تلتها صفقة واتساب في عام 2014، وقد وافقت اللجنة على كليهما في حينه، لكنها أعادت النظر في تلك الموافقات بعد فتح تحقيق جديد في عام 2019، في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، قبل أن تتقدم بالدعوى القضائية الحالية في ديسمبر 2020.

ويؤكد رئيس اللجنة، أندرو فيرغسون، أن هذه القضية لا تدور فقط حول شركة بعينها، بل تتعلق بمستقبل السوق التقني الأمريكي، حيث قال في تصريح لشبكة “فوكس بيزنس”: "قوانين مكافحة الاحتكار وُضعت لضمان عدم تحكم أي شركة في حياة المواطنين إلى هذا الحد، وهذه المحاكمة تجسيد لذلك المبدأ".

خسائر محتملة

في حال نجحت الحكومة الأمريكية في كسب القضية، فإن نتائج الحكم قد تكون مدمّرة بالنسبة لميتا، ليس فقط من حيث القيمة السوقية، التي قد تنخفض بمئات المليارات من الدولارات، بل أيضًا من حيث البنية التقنية المتشابكة بين تطبيقاتها، والتي باتت تعتمد على تكامل عميق في البنية الخلفية والوظائف والخدمات السحابية.

كما أن تفكيك الشركة قد يفتح الباب أمام موجة من الإجراءات المشابهة ضد شركات تقنية أخرى، خصوصًا أن ميتا ليست الوحيدة تحت المجهر؛ فجوجل هي الأخرى تواجه دعاوى قضائية مشابهة تتعلق بالاحتكار في سوق الإعلانات ومحركات البحث.

دفاع ميتا

من جانبها، ترفض ميتا الاتهامات الموجهة إليها بشكل قاطع، وتؤكد أن السوق يشهد منافسة مفتوحة وقوية، لافتةً إلى أن منصات مثل تيك توك وسناب شات ويوتيوب وiMessage وإكس (تويتر سابقًا) تُعد أمثلة حيّة على ديناميكية السوق وتنوع الخيارات المتاحة أمام المستخدمين.

وفي دفاعها، تسعى الشركة إلى إثبات أن صفقاتها السابقة أُجريت بشفافية، وحصلت على الموافقات اللازمة في حينها، مؤكدة أن الاتهامات الجديدة تتجاهل الواقع الحالي للسوق، حيث لم تعد ميتا المهيمنة الوحيدة، بل تواجه تحديات حقيقية في الحفاظ على موقعها الريادي.

شهادات مرتقبة

ومن المتوقع أن تشهد جلسات المحكمة شهادات بارزة، سيكون من أهمها شهادة المؤسس والرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج، إلى جانب المديرة السابقة للعمليات شيريل ساندبرغ، التي كانت من الشخصيات المؤثرة في بناء إستراتيجية النمو والهيمنة لشركة ميتا خلال العقد الماضي.

ويرى مراقبون أن شهادة زوكربيرج ستكون لحظة مفصلية في المحاكمة، ليس فقط لكونه الوجه الأبرز للشركة، بل لأنه صاحب القرار النهائي في أغلب صفقاتها واستراتيجياتها التوسعية، ما قد يجعله نقطة محورية في بناء القضية ضده، أو في تفنيد اتهامات لجنة التجارة الفيدرالية.

في ظل هذا المشهد، تبقى القضية بين ميتا ولجنة التجارة الفيدرالية واحدة من أهم القضايا القانونية في تاريخ التكنولوجيا الحديثة، وقد تُحدّد نتائجها مستقبل صناعة التواصل الاجتماعي لسنوات قادمة، فبين حماية المنافسة ومخاوف الاحتكار، تتوازن الكفّة في محكمة أصبحت اليوم مركز ثقل لصراع لا يخص ميتا وحدها، بل يمتد إلى كل شركة تسعى إلى السيطرة على المستقبل الرقمي.

search

أكثر الكلمات انتشاراً