الأربعاء، 23 أبريل 2025

07:29 م

tru

الصين تعلن تطوير أسرع ذاكرة فلاش في التاريخ

ذاكرة فلاش

ذاكرة فلاش

ياسين عبد العزيز

A A

أعلنت جامعة فودان في مدينة شنجهاي الصينية عن تطوير أسرع شريحة ذاكرة فلاش تم تصنيعها حتى الآن، حيث تمكن فريق بحثي بقيادة البروفيسور جو بينغ من الوصول إلى سرعة كتابة تبلغ 400 بيكو ثانية، وهي وحدة زمنية تعادل تريليون جزء من الثانية، مما يجعل هذه الذاكرة أسرع من رمشة العين بـ 250 مليون مرة، وهو ما قد يعيد رسم ملامح تقنيات تخزين البيانات في جميع الأجهزة الذكية والحواسيب المتطورة.

ويمثل هذا الإنجاز نقطة تحول في مجال تكنولوجيا المعلومات، حيث إن غالبية أجهزة التخزين التقليدية مثل وحدات USB والهواتف المحمولة تعتمد على ذاكرة فلاش تستغرق عادة من ميكروثانية إلى ملي ثانية لتنفيذ عمليات الكتابة، بينما توفر الذاكرة الجديدة التي أطلق عليها اسم PoX أداءً شبه لحظي، ما يفتح الباب أمام استخدامات كانت غير ممكنة سابقًا بسبب حدود السرعة التقنية.

خاصية غير متطايرة

تعمل الذاكرة الجديدة بوصفها وحدة تخزين غير متطايرة، أي أنها تحتفظ بالمعلومات حتى بعد انقطاع الكهرباء عنها، وهو ما يجعلها بديلًا فعّالًا للأنواع الحالية من الذواكر المستخدمة في جميع الأجهزة الحديثة، حيث تمكن الفريق من التغلب على مشاكل الاستهلاك والبطء في الذواكر التقليدية عبر تصميم يعتمد على الجرافين ثنائي الأبعاد بدلًا من السيليكون، مستفيدين من ظاهرة الحقن الفائق التي تسمح بتدفق الشحنات بسرعة فائقة دون قيود تذكر.

وقال الباحث ليو تشونسن من مختبر الأنظمة المتكاملة بجامعة فودان إن شريحة PoX تم تصنيع نموذجها التجريبي بالفعل، ويجري العمل حاليًا مع جهات صناعية لدمج هذه التقنية في هواتف ذكية وأجهزة لابتوب مستقبلية، حيث أشار إلى أن الجرافين المستخدم في تصميم الذاكرة يوفّر مرونة هندسية غير متوفرة في المواد التقليدية، وهو ما يساهم في تسريع عمليات الإدخال والإخراج إلى مستويات لم تكن ممكنة قبل سنوات قليلة.

ثورة للذكاء الاصطناعي

أوضح البروفيسور جو بينغ أن التطوير الجديد لا يقتصر تأثيره على أجهزة التخزين فحسب، بل قد يسهم بشكل مباشر في تسريع أداء أنظمة الذكاء الاصطناعي، حيث تتطلب هذه الأنظمة معالجة كمّيات ضخمة من البيانات دون تأخير، وهو ما يجعل شريحة PoX مرشحًا أساسيًا لإحداث طفرة في الأداء من خلال تقليل زمن الوصول إلى البيانات وتحسين كفاءة المعالجة.

وتواجه معظم تقنيات الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي ما يعرف بعنق الزجاجة في الوصول إلى وحدات التخزين ونقل البيانات، ويمثل هذا الاكتشاف الجديد وسيلة عملية لتجاوز تلك العقبة، خصوصًا في مجالات مثل التعلم الآلي وتحليل الصور والفيديو ومعالجة اللغات، حيث تتطلب تلك التطبيقات أداءً فوريًا واستجابة سريعة لا تتحقق باستخدام المعالجات التقليدية وحدها.

تطبيقات مستقبلية

أكّد الفريق البحثي أن تقنية PoX ليست بعيدة عن الاستخدام التجاري، حيث بدأت النقاشات مع شركات تصنيع رقائق إلكترونية لدمج التقنية ضمن أنظمة جديدة خلال السنوات القليلة القادمة، ويأمل الباحثون في استخدام هذه الشريحة ضمن مكونات الحواسيب المركزية وأجهزة الهاتف والأنظمة السحابية التي تعتمد على سرعة الاستجابة.

وإذا نجحت هذه التجربة في الخروج من المختبر إلى خطوط الإنتاج، فقد نشهد تحولات واسعة في طريقة تصميم أنظمة التشغيل والتطبيقات، حيث سيكون بالإمكان الاستفادة من سرعة الذاكرة لفتح تطبيقات فورية واسترجاع بيانات ضخمة دون الحاجة للانتظار، كما يمكن استخدامها في المجالات الطبية والعسكرية والفضائية التي تتطلب سرعة استثنائية في قراءة وتخزين المعلومات.

رغم أن الفريق أكد فاعلية التقنية في المرحلة التجريبية، فإن التساؤل الأكبر يتمثل في تكلفة التصنيع على نطاق واسع ومدى مواءمتها للمعايير الصناعية الحالية، كما أن استخدام الجرافين رغم كفاءته العالية لا يزال يواجه تحديات إنتاجية على نطاق تجاري، ما يعني أن السنوات القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل هذه التقنية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً