قيود التصدير الصينية تهدد سوق أشباه الموصلات العالمي وترفع الأسعار بشكل غير مسبوق

مراجعة : ياسين عبد العزيز

الأحد، 01 سبتمبر 2024 09:32 ص

الصين تنتج حوالي 98% من إمدادات الغاليوم العالمية و60% من الغيرمانيوم (أسوشيتد)

الصين تنتج حوالي 98% من إمدادات الغاليوم العالمية و60% من الغيرمانيوم (أسوشيتد)

تشهد الأسواق العالمية اضطرابات كبيرة بعد إعلان الصين فرض قيود صارمة على تصدير مادتي الغيرمانيوم والغاليوم، وهما من المواد الأساسية في صناعة أشباه الموصلات والمعدات العسكرية. 

هذا التحرك الصيني أثار مخاوف واسعة في الدول الغربية من تأثيره على إنتاج الرقائق المتقدمة والأجهزة البصرية المستخدمة في المجالات العسكرية، حيث تعد هذه المواد عنصراً حيوياً في الصناعات التكنولوجية الحساسة.

الهيمنة الصينية على السوق وتداعياتها

تعتبر الصين المورد الرئيسي لمادتي الغيرمانيوم والغاليوم، حيث تستحوذ على حوالي 98% من إمدادات الجاليوم العالمية و60% من إمدادات الجيرمانيوم، مما يضع العديد من الدول الغربية في موقف صعب يعتمد فيه إنتاجها على واردات هذه المواد من الصين. هذه القيود تعكس الهيمنة الكبيرة التي تمتلكها الصين على سوق هذه المواد الحيوية، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي.

وقد أشارت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقريرها إلى أن هذه القيود تأتي كجزء من إستراتيجية الصين لحماية أمنها القومي والرد على القيود الأمريكية المفروضة على مبيعات الرقائق المتقدمة ومعدات تصنيعها. ويؤكد أحد العاملين في صناعة أشباه الموصلات أن "الوضع مع الصين حرج للغاية، ونحن نعتمد عليهم بشكل كبير".

تأثير القيود على الإنتاج العالمي

منذ بدء تنفيذ القيود، انخفضت صادرات الغاليوم من الصين بحوالي النصف، مما أثار قلقاً كبيراً بين الشركات العالمية التي تعتمد على هذه المواد. ووفقاً لتصريحات جان جيس، مدير معادن ثانوية في شركة "ترايديوم" ومقرها فرانكفورت، فإن الكميات التي تم الحصول عليها من خلال برنامج الترخيص الجديد للصادرات في الصين هي "جزء صغير مما كنا نشتريه في السابق".

سعر ماده الجرمانيوم وفوائده - آراد برندینک
gallium الصحافة الأمريكية https://chemistrytalk.org/gallium-element/

وأفاد متحدث باسم إحدى الشركات المتأثرة أن "إذا استمرت الصين في تقليص صادرات الغاليوم كما فعلت في النصف الأول من العام، فسيتم استهلاك احتياطياتنا وسنواجه نقصاً حاداً في الإمدادات". هذه التصريحات تعكس حجم القلق المتزايد من نقص المواد الضرورية، وهو ما قد يؤثر سلباً على الإنتاج العالمي في القطاعات التكنولوجية والعسكرية.

ارتفاع الأسعار والتعقيد في الأسواق

لم تقتصر تأثيرات هذه القيود على نقص الإمدادات فقط، بل امتدت لتشمل ارتفاعاً كبيراً في أسعار المواد الخام. فقد ارتفعت أسعار الغيرمانيوم بنسبة 52% منذ بداية يونيو/حزيران الماضي، لتصل إلى 2280 دولاراً للكيلوغرام في الصين، وهو ما يعكس الضغط الكبير الذي تشهده الأسواق العالمية نتيجة لهذه القيود.

وأشار تيرينس بيل، مدير شركة "إستراتيجيك ميتال إنفستمنتس" ومقرها فانكوفر، إلى أن "الصينيين لم يعودوا يعرضون الغيرمانيوم للبيع في الخارج"، مما يعزز من تعقيد الوضع في الأسواق العالمية التي تعاني بالفعل من ضغوط كبيرة.

الدوافع الإستراتيجية للصين

تُعتبر هذه القيود جزءاً من إستراتيجية الصين لتأمين إمداداتها الخاصة من المواد المستخدمة في تقنيات الطاقة النظيفة، والتي تشكل جزءاً أساسياً من خطط التحديث الصناعي في البلاد. ويرى المراقبون أن هذه الخطوة تمثل محاولة من الصين للحفاظ على تفوقها في إنتاج هذه المواد الحيوية، ودعم جهودها في اللحاق بالولايات المتحدة وقادة آخرين في مجال تكنولوجيا أشباه الموصلات.

وفي ظل استمرار التوترات بين الولايات المتحدة والصين، لا يبدو أن هناك دافعاً كبيراً للصين لتخفيف هذه القيود في المستقبل القريب. هذا التصعيد في الحرب التجارية والتكنولوجية بين القوتين العظميين يهدد بمزيد من التعقيد في العلاقات الدولية، وقد يؤدي إلى تداعيات أوسع على الاقتصاد العالمي.

ابحث عن مواصفات هاتفك

Back Top