الخميس، 24 أبريل 2025

12:27 ص

tru

وثائق تكشف تفكير ميتا في فصل إنستجرام قبل بدء التحقيقات الفيدرالية

ميتا

ميتا

ياسين عبد العزيز

A A

في تطور لافت يعيد تسليط الضوء على سياسات شركة ميتا واستراتيجياتها المستقبلية، كشفت وثائق قضائية تم عرضها مؤخرًا أن الرئيس التنفيذي للشركة، مارك زوكربيرج، كان قد طرح في عام 2018 اقتراحًا داخليًا جريئًا يقضي بفصل منصة إنستجرام عن ميتا وتحويلها إلى كيان مستقل، وذلك قبل عام تقريبًا من انطلاق التحقيقات الرسمية التي أجرتها لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية (FTC) بشأن صفقات استحواذ ميتا على كل من إنستجرام وواتساب.

خطة محتملة

وجاء الاقتراح الذي وُصف بـ"المتطرف" في مذكرة داخلية أرسلها زوكربيرج إلى كبار المسؤولين التنفيذيين داخل الشركة، حيث أشار فيها إلى أن "معظم الشركات تقاوم التفكك، لكن التاريخ يُظهر أن عددًا كبيرًا منها يحقق أداءً أفضل بعد التجزئة"، وبهذا يكون زوكربيرج قد ناقش بوضوح إمكانية التحول البنيوي الكبير قبل أن تبدأ الهيئات التنظيمية في فرض أي ضغوط مباشرة.

وقد عُرضت هذه المذكرة كجزء من الأدلة في جلسة محكمة عُقدت الثلاثاء الماضي، والتي شهدت أيضًا شهادة زوكربيرج ضمن مجريات الدعوى القضائية التي رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية ضد شركة ميتا، وهي دعوى تسعى إلى تفكيك عملاق التكنولوجيا بسبب مزاعم تتعلق بالاحتكار.

دوافع سياسية

وتتضح من مضمون المذكرة دوافع زوكربيرج لطرح فكرة التفكيك الطوعي، حيث أشار إلى تغير المناخ السياسي في الولايات المتحدة في ذلك الحين، وأبدى قلقه من تزايد الدعوات السياسية لتفكيك الشركات التقنية الكبرى، وخصوصًا في حال وصول رئيس ديمقراطي جديد إلى الحكم بعد عهد دونالد ترامب، وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد الأصوات المنادية بالتنظيم وفرض القيود ورفع القضايا ضد الكيانات العملاقة في وادي السيليكون.

وأكد زوكربيرج في مذكرته أن الشركة قد لا تتمكن مستقبلاً من الاحتفاظ بكل تطبيقاتها ضمن منظومة واحدة، وكتب قائلًا: "يجب أن نضع في اعتبارنا أن هناك احتمالًا حقيقيًا بألا نتمكن من الاحتفاظ بكل ما بنيناه من مجموعة تطبيقات".

صفقتان محوريتان

وتعود جذور النزاع القانوني إلى صفقتين بارزتين قامت بهما ميتا قبل أعوام، حيث استحوذت على إنستجرام في عام 2012 مقابل مليار دولار تقريبًا، وتبعتها صفقة واتساب عام 2014 مقابل 19 مليار دولار، وهي استحواذات وصفتها لجنة التجارة الفيدرالية بأنها خطوات ممنهجة للقضاء على المنافسة وتعزيز هيمنة ميتا على سوق التواصل الاجتماعي.

وقد طالبت اللجنة المحكمة بإلغاء هذه الصفقات، مؤكدة أن دوافع الشركة كانت احتكارية منذ البداية، بينما تنفي ميتا ذلك تمامًا، وتعتبر أن الدعوى "لا تستند إلى وقائع قانونية صحيحة، وتتجاهل السياق التجاري الحقيقي للصفقات"، كما أنها ترى أن تلك الصفقات ساهمت في تطوير هذه المنصات وتقويتها وليس في خنق المنافسة.

اعتراف ضمني

ورغم دفاع ميتا المستمر عن شرعية ما قامت به، إلا أن مضمون مذكرة زوكربيرج التي كتبها عام 2018 قد يُفسر على أنه اعتراف ضمني بإدراكه للمخاطر المرتبطة بالاستحواذات، وأنه كان يفكر في تدابير استباقية، حتى لو لم يكن خيار التفكيك هو السيناريو الأقرب. 

وكتب زوكربيرج حينها: "أنا أفهم تمامًا القيمة التجارية لامتلاك إنستجرام وفيسبوك معًا، لذلك لا أطرح هذا الخيار باستخفاف، كما أنني لا أقول إنه الاحتمال الأرجح، لكنه ليس بالجنون الذي قد يبدو عليه للوهلة الأولى".

ويكشف هذا التصريح بوضوح أن التفكير في تحويل إنستجرام إلى شركة مستقلة لم يكن أمرًا عابرًا، بل كان مدروسًا ضمن سيناريوهات مستقبلية واقعية، وهو ما يمنح لجنة التجارة الفيدرالية عنصرًا إضافيًا في قضيتها الحالية.

مواجهة مصيرية

ومع استمرار المعركة القضائية بين ميتا والسلطات التنظيمية، تزداد التساؤلات حول مدى تأثير هذه الوثائق على حكم المحكمة، خصوصًا أن إثبات وجود نية سابقة للتفكيك من داخل الشركة قد يدعم مزاعم اللجنة بشأن نية الاحتكار، ويُمهّد الطريق أمام تغييرات جوهرية في مستقبل الشركة وبنيتها الإدارية والتقنية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً