الأربعاء، 23 أبريل 2025

11:53 م

tru

محكمة أمريكية تُدين جوجل باحتكار سوق الإعلانات الرقمية وتُمهّد لتفكيك محتمل

جوجل

جوجل

ياسين عبد العزيز

A A

أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية حكمًا يُعد الأهم في تاريخ قضايا مكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا الكبرى، حيث أدانت شركة جوجل بانتهاك قوانين المنافسة في سوق الإعلانات الرقمية، ويمثّل هذا الحكم خطوة غير مسبوقة منذ بداية ملاحقات وزارة العدل الأمريكية التي رفعت الدعوى القضائية بالتعاون مع ثماني ولايات قبل أكثر من عامين، واعتبرت أن الشركة الأم “ألفابت” استخدمت قوتها السوقية للسيطرة على أحد أهم قطاعات الإنترنت.

ويفتح هذا الحكم الباب أمام إجراءات قانونية قد تؤدي إلى تفكيك جزء من أنشطة جوجل الإعلانية، إذ تتضمن القضية مطالبات ببيع خدمات رئيسية مثل Google Ad Manager ومنصة تبادل الإعلانات AdX ونظام إدارة إعلانات الناشرين المعروف باسم DFP (DoubleClick for Publishers)، وهي أدوات تُستخدم على نطاق واسع في تشغيل الإعلانات وعرضها على مواقع الإنترنت.

تداعيات قانونية محتملة وإجراءات علاجية مرتقبة

من المقرر أن تُعقد جلسة استماع إضافية خلال الأشهر القادمة، بهدف مناقشة طبيعة الإجراءات العلاجية التي يمكن أن تفرضها المحكمة على جوجل، وتشير مصادر قانونية إلى أن هذه التدابير قد تتراوح بين تفكيك فعلي لبعض وحدات الشركة الإعلانية، وفرض قيود على الطريقة التي تبيع بها جوجل الإعلانات وتتنافس بها في السوق، وذلك بهدف خلق بيئة تنافسية أكثر توازنًا بين الشركات التقنية.

وتسعى المحكمة إلى منع جوجل من الاستمرار في تفضيل منصاتها الخاصة أو أدواتها الإعلانية أثناء المزادات الرقمية التي تُجرى لتوزيع الإعلانات، وهو ما كانت تفعله الشركة من خلال ربط أدواتها ببعضها في عملية تتهمها المحكمة بأنها تمثل احتكارًا مباشرًا، وأكدت القاضية ليوني برينكيما في حيثيات الحكم أن جوجل استغلت منصتي DFP وAdX لربط غير قانوني يخدم مصالحها على حساب الناشرين.

كما أضافت القاضية أن ممارسات جوجل تتعارض مع قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار، واعتبرت أن الشركة استغلت موقعها المهيمن بطريقة تعسفية لفرض سيطرتها على جانب الإعلانات الموجهة للناشرين.

رد رسمي من جوجل وتمسك بموقف دفاعي

في أول تعليق رسمي على الحكم، أصدرت لي آن مولوهولاند، نائبة رئيس الشؤون التنظيمية في جوجل، بيانًا اعتبرت فيه أن المحكمة رفضت بعض ادعاءات وزارة العدل، وأكدت أن الشركة تخطط لاستئناف الجزء المتعلق بأدوات الإعلانات الموجهة للناشرين، وذكرت أن السوق لا يزال مفتوحًا أمام خيارات متعددة، وأن الناشرين يختارون أدوات جوجل بسبب سهولتها وفعاليتها.

ورغم ذلك، فإن هذا الرد لم يغيّر من واقع أن وزارة العدل نجحت في كسب قضية تُعتبر الأكبر منذ قضية مايكروسوفت في التسعينيات، وواجهت فيها جوجل اتهامات مباشرة بإساءة استخدام موقعها في السوق عبر الاستحواذ على شركات محورية مثل DoubleClick وAdMeld لتعزيز نفوذها وزيادة عائداتها.

تاريخ القضية وخلفياتها التنظيمية

بدأت تفاصيل هذه المواجهة القانونية في يناير 2023 عندما رفعت وزارة العدل الدعوى بمشاركة ولايات عدة بينها كاليفورنيا ونيويورك وفيرجينيا، ووجهت خلالها اتهامات لجوجل بتقييد فرص المنافسة العادلة، والضغط على الناشرين والمعلنين من خلال بنية تقنية معقدة جعلت من الصعب عليهم استخدام أدوات منافسة.

وتركّز الاتهامات على أن جوجل استخدمت عمليات الاستحواذ خلال العقدين الماضيين لترسيخ سيطرتها، خاصة بعد شراء DoubleClick في عام 2008 التي أصبحت حجر الأساس في هيكلها الإعلاني، وشراء AdMeld في عام 2011 لتأمين مزيد من السيطرة على عملية عرض الإعلانات، ونتج عن ذلك ارتفاع أسعار الإعلانات وتراجع العوائد التي تصل إلى الناشرين والمواقع المستقلة.

ويُشار إلى أن جلسات المحاكمة بدأت في سبتمبر 2024 واستمرت لمدة ثلاثة أسابيع، وانتهت بمرافعات ختامية في نوفمبر، ويمثل الحكم الحالي بداية لتحولات قانونية جديدة قد تغيّر مشهد سوق الإعلانات الرقمية في الولايات المتحدة.

search

أكثر الكلمات انتشاراً