الثلاثاء، 29 أبريل 2025

03:19 م

tru

عاصفة داخل "ديب مايند".. تصاعد الغضب العمالي بسبب علاقة جوجل بإسرائيل

ديب مايند

ديب مايند

ياسين عبد العزيز

A A

في تصعيد جديد يُهدد الاستقرار الداخلي لإحدى أبرز شركات الذكاء الاصطناعي في العالم، يشهد فرع شركة “ديب مايند” التابعة لجوجل في لندن، موجة غضب غير مسبوقة من موظفيها، واحتجاجات آخذة في التوسع ضد سياسات الشركة الأم، لا سيما في ما يتعلّق بتعاونها التكنولوجي مع جهات عسكرية إسرائيلية، وبيع تقنيات الذكاء الاصطناعي لأغراض يُشتبه أنها تُستخدم في الصراعات المسلحة، وخصوصًا النزاع المستمر في غزة.

حراك نقابي

وتسارعت وتيرة الحراك داخل “ديب مايند” بعدما انضم نحو 300 موظف إلى “اتحاد عمال الاتصالات” في المملكة المتحدة، وبدأوا خطوات فعلية نحو تشكيل نقابة عمالية، وعبّروا عن قلقهم العميق من تخلّي جوجل، منذ فبراير الماضي، عن التزاماتها السابقة بعدم تطوير أدوات ذكاء اصطناعي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية مثل المراقبة أو الهجمات المسلحة. 

وبرز هذا التحول بشكل واضح من خلال تقارير إعلامية تؤكد أن جوجل تبيع تقنياتها وخدماتها السحابية إلى وزارة الدفاع الإسرائيلية، وهو ما أثار امتعاضًا واسعًا داخل أروقة الشركة.

مشروع نيمبوس

ويأتي ذلك على خلفية اتفاق ضخم تبلغ قيمته 1.2 مليار دولار أبرمته الحكومة الإسرائيلية مع شركتي جوجل وأمازون، في إطار مشروع يُعرف باسم “نيمبوس”، ويهدف إلى تزويد مؤسسات الدولة الإسرائيلية، بما في ذلك الجهات الأمنية، بتقنيات متقدمة في مجال الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي.

ووفقًا لمصادر داخلية، فإن موظفين في “ديب مايند” يخشون أن تكون مساهماتهم التقنية تُوظف في صراعات دموية مثل ما يحدث في غزة، وخصوصًا بعد تقارير عن استخدام الجيش الإسرائيلي أنظمة ذكاء اصطناعي لتحديد أهداف عمليات عسكرية.

استقالات احتجاجية

ووسط هذا المناخ المشحون، استقال خمسة موظفين من “ديب مايند” خلال الشهرين الماضيين، احتجاجًا على صفقة التعاون التقني مع إسرائيل، ورفضًا لما اعتبروه خيانة للالتزامات الأخلاقية التي أعلنت عنها الشركة في السابق. 

وقال أحد مهندسي الشركة في تصريحات لصحيفة فايننشال تايمز إن العديد من زملائه يربطون اليوم بين ما يطورونه في مختبرات الذكاء الاصطناعي، وبين الاستخدامات الحربية المحتملة لهذه التقنيات، وهو ما يتعارض مع قناعاتهم الإنسانية.

احتجاجات أمريكية

وفي سياق موازٍ، شهدت الولايات المتحدة أيضًا تصاعدًا في الاحتجاجات داخل شركة جوجل، حيث تم فصل عدد من الموظفين بعد مشاركتهم في احتجاجات ضد “مشروع نيمبوس”، وهو المشروع ذاته الذي يتعرض للنقد داخل “ديب مايند”.

وسبق أن أرسل موظفو الشركة رسالة إلى إدارتها في مايو 2024 طالبوا فيها بإنهاء جميع العقود العسكرية، كما نظموا اجتماعات متكررة مع الإدارة، دون أن تثمر عن أي استجابة ملموسة.

رد الشركة

من جانبها، حاولت جوجل احتواء الغضب المتنامي، وأكد متحدث باسم الشركة التزامها بمبادئ التطوير المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وحرصها على تعزيز الحوار البنّاء مع موظفيها في جميع أنحاء العالم، وخصوصًا في المملكة المتحدة، وذكّر المتحدث بتغير المشهد التقني والسياسي منذ عام 2018، وهو العام الذي تعهدت فيه الشركة بعدم الانخراط في تطوير تقنيات مخصصة للأسلحة أو المراقبة.

ذاكرة احتجاجية

ولعل من أبرز السوابق التي تثير حفيظة الموظفين اليوم، تجربة عام 2018، حين اضطرت جوجل إلى التخلي عن “مشروع مافين” بعد حملة احتجاجية داخلية عارمة، قادها موظفون رفضوا تطوير أدوات تستخدم لتحسين دقة الضربات الجوية بواسطة الطائرات المسيّرة، حيث استقال حينها عدد من المهندسين، ووقع الآلاف على عريضة تطالب بوقف المشروع، ورضخت الشركة تحت الضغط، معلنة أنها لن تطور تقنيات للقتال أو المراقبة.

تصاعد نقابي

ومع أن قطاع التكنولوجيا ظل على مدار سنوات طويلة بمنأى عن التنظيمات النقابية، وواجه محاولات التنظيم بشراسة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تناميًا ملحوظًا في الحركات العمالية داخل شركات عملاقة مثل أمازون وآبل، حيث بدأ العاملون في هذه المؤسسات بالدعوة إلى بيئة عمل أكثر شفافية وإنصافًا، وحقوق عمالية تضمن عدم التورط في مشروعات تتعارض مع مبادئهم الأخلاقية.

تهديد بالإضراب

وأكد أحد أعضاء الحراك النقابي الجديد داخل “ديب مايند” أن العاملين سيواصلون جهودهم لحث الإدارة على إعادة النظر في العقود العسكرية، وأنهم سيسعون للقاء رسمي مع قيادة الشركة، وفي حال لم تتحقق مطالبهم، فلن يترددوا في اللجوء إلى خيار الإضراب كخطوة تصعيدية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً