فيسبوك يضيق الخناق على المحتوى المضلل والتفاعلات الوهمية

بدأت شركة ميتا في تنفيذ حملة جديدة على منصة فيسبوك لمكافحة المحتوى المضلل والتفاعلات المزيفة التي تنتشر عبر منشورات ظاهرها بريء وباطنها خادع، حيث لاحظ المستخدمون ظاهرة غريبة تتكرر بشكل يومي، مثل نشر صور كلاب أو أطفال مع تعليقات طويلة تتحدث عن الطائرات أو الحروب أو نظريات علمية معقدة لا علاقة لها بالصورة، والهدف هو تضليل خوارزميات المنصة ودفعها لزيادة الانتشار.

ويعتمد بعض المستخدمين على كتابة تعليقات مليئة بالكلمات المفتاحية العشوائية داخل منشورات بسيطة لجذب الخوارزمية، حيث تؤدي التعليقات الطويلة إلى بقاء القارئ لفترة أطول مما يزيد عدد مرات تشغيل الفيديوهات ويمنح المنشور دفعة غير مستحقة في الوصول، كما يتم استخدام الوسوم الشهيرة بشكل مبالغ فيه رغم أنها لا تتعلق بالمحتوى، وتهدف هذه الأساليب إلى استغلال تصميم الخوارزمية للحصول على تفاعل واسع دون تقديم أي محتوى فعلي.

تقييد الانتشار

وتعتمد ميتا في هذه الحملة على تقنيات مراقبة متطورة تتيح لها تحليل أنماط المحتوى المتكرر والتفاعلات المشبوهة، وتركز جهودها على تقليل الوصول إلى الحسابات التي تستخدم هذه الأساليب، وحرمانها من أدوات تحقيق الربح، وخصوصًا أن بعض الصفحات تروج لمحتوى غير موثوق بهدف جذب الإعلانات.

ورغم استخدام الذكاء الاصطناعي في رصد هذه الأنماط، إلا أن الحملة لا تستهدف تقنيات الذكاء الاصطناعي نفسها بل تركز على الممارسات الخادعة التي يستخدمها الأفراد داخل النظام القائم. وتقول ميتا إن هناك فرقًا واضحًا بين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مشروع وبين التلاعب بها لإنتاج محتوى مضلل أو غير حقيقي.

حسابات منظمة

وإلى جانب المحتوى الفردي، تكثف ميتا جهودها لملاحقة شبكات منظمة تدير عددًا كبيرًا من الحسابات المزيفة وتقوم بنشر محتوى متطابق أو متقارب عبر حسابات مختلفة بهدف تضخيمه وبثه إلى جمهور أوسع، وأكدت الشركة أنها ستقوم بتقليل ظهور منشورات هذه الحسابات في "الصفحة الرئيسية" وستمنعها من تحقيق الدخل، مع احتمالية حذفها نهائيًا عند تكرار المخالفة.

وتهدف هذه الإجراءات إلى تفكيك البنية التي تستند إليها الحملات الإعلامية المضللة، والتي تتغذى على الكثافة العددية للحسابات أكثر مما تعتمد على جودة المحتوى.

محاولات التفاعل

وتدرس ميتا إعادة اختبار ميزة "Downvote" أو التصويت السلبي على التعليقات، وهي ميزة أثارت جدلًا عند تجربتها في السابق، حيث ظن البعض أنها تشبه زر "عدم الإعجاب"، لكنها في الحقيقة تهدف إلى تمكين المستخدم من الإبلاغ عن تعليقات مزعجة أو غير مفيدة، وترى الشركة أن هذه الأداة قد تُسهم في رفع جودة النقاشات وتعزيز الإشراف المجتمعي على المنشورات.

وتشير ميتا إلى أنها تأخذ في الاعتبار ردود الفعل من المستخدمين عند تطوير هذه الأدوات، وخصوصًا أن بعض التعديلات قد تخلق ارتباكًا في الاستخدام إذا لم تُصاحبها توعية واضحة.

ثغرات قائمة

ورغم هذه التدابير، لا تزال هناك مشكلات قائمة يصعب حلها بالكامل عبر الخوارزميات، مثل المحتوى المزيف الناتج عن الذكاء الاصطناعي، والذي يبدو واقعيًا بدرجة تخدع المستخدم العادي، كما لم تتناول الحملة الأخيرة قضية انتحال الشخصية بالقدر الكافي، رغم إعلان ميتا عن تحديثات لحماية الحقوق الرقمية.

وتسعى الشركة إلى تحسين تجربة المستخدم عبر تقليل ظهور المحتوى غير المفيد على الصفحة الرئيسية، لكن تظل التحديات قائمة في مواجهة شبكات التلاعب المنظمة والمحتوى المصمم لخداع النظام، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول فعالية هذه الإجراءات وهل هي كافية لتطهير المنصة، أم أن هناك حاجة لاستراتيجيات أوسع تعتمد على الشفافية ومساءلة الأنظمة التقنية نفسها.